تُعدّ مناورة هيمليك واحدة من أبرز تقنيات الإسعافات الأولية التي أنقذت ملايين الأرواح حول العالم منذ ابتكارها في السبعينيات، وعلى الرغم من أهميتها البالغة في إنقاذ الأشخاص الذين يتعرضون إلى الاختناق المفاجئ، إلا أن كثيرين ما زالوا يجهلون كيفية تنفيذها بشكل صحيح، حيث إن هذه المناورة البسيطة والفعالة يمكن أن تكون الفارق بين الحياة والموت في لحظات معدودة، ومع ذلك لا تحظى بالانتشار أو التدريب الكافي بين عامة الناس.
ابتكرها الطبيب الأمريكي هنري هيمليك عام 1974 بعد أن لاحظ إمكانية الاستفادة من الهواء المتبقي في الرئتين لطرد جسم غريب يسد مجرى الهواء، وتعتمد المناورة على ضغطات قوية وسريعة في منطقة البطن أسفل القفص الصدري مباشرة، مما يؤدي إلى اندفاع الهواء بقوة من الرئتين ودفع الجسم العالق إلى الخارج.
تُستخدم مناورة هيمليك عندما يكون الشخص واعيًا لكنه يعجز عن التنفس أو الكلام أو السعال بسبب الاختناق، وتعتبر العلامة الأشهر هي الإمساك بالرقبة بكلتا اليدين، فهي بمثابة الرمز العالمي للاستغاثة عند التعرض للاختناق.
أما إذا كان الشخص قادرًا على السعال أو الكلام، فيُنصح بتشجيعه على الاستمرار في السعال وعدم التدخل.
لتنفيذ هذه التقنية، يقف المسعف خلف المصاب ويحيط بطنه بذراعيه، ثم يشكل قبضة بيده ويضعها أسفل عظم القص بحوالي بوصتين فوق السرة، بعد ذلك يدفع اليدين بقوة إلى الداخل وإلى الأعلى عدة مرات متتالية حتى يخرج الجسم الغريب.
وفي حال فقدان المصاب وعيه، يُنصح بالانتقال فورًا إلى الإنعاش القلبي الرئوي.
يمكن تطبيق مناورة هيمليك على الأطفال الأكبر من عام واحد مع مراعاة أن تكون الدفعات أقل قوة، أما بالنسبة للرضع دون 12 شهرًا، فلا يُنصح بها إطلاقًا، وبدلاً من ذلك، يتم استخدام ضربات متتالية بكعب اليد بين الكتفين مع ضغطات صدرية خفيفة، وهي الطريقة الأكثر أمانًا للتعامل مع حالات الاختناق لدى هذه الفئة العمرية.
بالنسبة للنساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، لا تكون ضغطات البطن فعالة، ولهذا يُنصح بتنفيذ الضغطات على منطقة عظم القص، حيث إن هذه التعديلات تتيح للمناورة أن تؤدي وظيفتها دون تعريض المصاب لخطر إضافي.
قد يتعرض الشخص للاختناق وهو بمفرده، وهنا يمكنه الاعتماد على نفسه عبر تطبيق مناورة هيمليك ذاتيًا، ويتم ذلك بوضع اليدين على البطن والضغط إلى الداخل والأعلى عدة مرات.
كما يمكن الاستعانة بحافة طاولة أو ظهر كرسي للضغط بقوة على البطن حتى يخرج الجسم الغريب.
على الرغم من أن مناورة هيمليك آمنة في معظم الحالات، إلا أن التنفيذ الخاطئ قد يؤدي إلى إصابات مثل كسور في الأضلاع أو إصابة في الأعضاء الداخلية، ومع ذلك، يبقى خطر هذه الإصابات أقل بكثير مقارنة بخطر الوفاة الناتج عن الاختناق، مما يجعلها الخيار الأفضل في المواقف الحرجة.
عندما طُرحت هذه التقنية لأول مرة لم تحظَ بقبول واسع في الأوساط الطبية، حيث فضّل كثير من الأطباء استخدام ضربات الظهر، لكن بمرور الوقت أثبتت مناورة هيمليك فعاليتها، وأصبحت الخيار الأول في بروتوكولات الإسعاف الأولي للبالغين الواعيين.
أما الرضع وفاقدو الوعي، فلا تزال لهم بروتوكولات خاصة تعتمد على الإنعاش القلبي الرئوي.
على الرغم من بساطتها وأثرها المنقذ للحياة، إلا أن الوعي العام بمناورة هيمليك ضعيف، خاصة في الدول النامية، ويعود ذلك إلى نقص برامج التدريب المجتمعية وقلة حملات التوعية.
هذا الجهل قد يؤدي إلى وفيات كان من الممكن تفاديها بسهولة لو عرف المحيطون بالمصاب كيفية تنفيذ المناورة.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
حقنة تعيد لون الشعر الأبيض إلى الأسود.. ماذا نعرف عنها؟