انطلقت في العاصمة السورية دمشق، أعمال المنتدى السعودي السوري للاستثمار، الذي يشكل منصة تاريخية لإعادة تعريف آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث شهد توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة استثمارية إجمالية تتجاوز 23 مليار ريال سعودي. وشهد الحدث مشاركة وفد سعودي رفيع المستوى يترأسه معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، وضم أكثر من 20 جهة حكومية و100 شركة سعودية رائدة، مما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها المملكة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع سوريا، بناءً على توجيهات القيادة في شهري فبراير ومايو 2025.
وتهيمن المشاريع الكبرى على أعمال المنتدى، حيث يشهد قطاع البنية التحتية وحده توقيع اتفاقيات بقيمة تتجاوز 4.3 مليار ريال. وشملت أبرز المشاريع التي تم الاتفاق عليها في هذا القطاع الحيوي: تأسيس معمل لإنتاج الأسمنت البورتلاندي في منطقة “أبو الشامات” بطاقة إنتاجية تبلغ 2,000,000 طن سنوياً وباستثمار قدره 250 مليون دولار. وتنفيذ مشاريع متنوعة في مجال المقاولات والخرسانة الجاهزة.
إلى جانب تنفيذ ما يزيد عن 2500 وحدة سكنية في مختلف أنحاء سوريا. وبالإضافة إلى تدشين مشروع طاحونة مصنع الفيحاء لإنتاج الأسمنت في مدينة عدرا الصناعية لتغطية احتياجات السوق المحلية بطاقة إنتاجية تبلغ 150,000 طن سنوياً. وإنشاء مصنع متخصص بالمنتجات البلاستيكية المتعلقة بمواد البناء والسباكة.
وفي قطاع العقار، شهد المنتدى السعودي السوري للاستثمار توقيع اتفاقيات تتجاوز قيمتها 7.2 مليار ريال لمشروعات عمرانية تهدف إلى إعادة الحياة لمدن متعددة، وتتضمن المشاريع: بناء مشروع سكني وتجاري في مدينة حمص، ضمن خطة لإعادة إعمار المدن التي تم تدمير معظمها. وبناء برج فندقي وإداري وسكني متكامل يحمل اسم “الجوهرة” في دمشق، مع توقع تدشين الفندق في ديسمبر.
إلى جانب، إطلاق مشاريع إعمار متنوعة في مجال المقاولات تشمل إعادة بناء البنية التحتية وتطوير المرافق في مختلف المناطق السورية. والتعاون المشترك في مجالات الإسكان والبناء والتشييد.
يشكل التحول الرقمي محوراً رئيسياً في المنتدى السعودي السوري للاستثمار، حيث يتم توقيع اتفاقيات بأكثر من 3.6 مليار ريال في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. وتتضمن أبرز المشاريع: تأسيس وتنفيذ المركز الوطني للأمن الإلكتروني لتعزيز جاهزية البنية الرقمية وحماية الفضاء السيبراني. وإنشاء مراكز للبيانات وبناء خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
إلى جانب إنشاء نقطة اتصال (IP NODE) في دمشق وحلب. وتعزيز الربط الشبكي الوطني ودعم توجهات التحول الرقمي في الجمهورية العربية السورية. وتقديم خدمات استشارية في مجال التحول الرقمي والمنصات الحكومية الرقمية والبنية التحتية.
يشهد القطاع المالي دفعة قوية باتفاقيات تتجاوز 4.8 مليار ريال، بهدف خلق بيئة مالية محفزة تقود التحول الاقتصادي، حيث تركز المشاريع على وضع أسس التعاون في مجال التقنية المالية، واستكشاف الفرص الاستثمارية في سوريا، بالإضافة إلى التعاون في مجالي تصدير المنتجات والخدمات وتبادل المعلومات والخبرات.
أكد معالي وزير الاستثمار أن المنتدى السعودي السوري للاستثمار يمثل “بداية لمسيرة تكامل واعدة تقودنا إلى مستقبل مليء بالنماء والازدهار لشعبينا، بقيادة حكيمة وتعاون حقيقي”. وأشار معاليه إلى أهمية دور المستثمرين السوريين في المملكة، الذين يتجاوز عددهم 2600 مستثمر بحجم استثمارات تفوق 10 مليارات ريال، بالإضافة إلى تعديل قانون الاستثمار السوري لتسهيل الإجراءات وتأسيس مجلس أعمال سعودي-سوري لتعزيز الشراكات.
ويشكل المنتدى السعودي السوري للاستثمار منصة حيوية تضع حجر الأساس لعلاقات اقتصادية متينة تغطي كافة القطاعات الحيوية، من الصناعة والطاقة والتجارة والسياحة وصولاً إلى الموارد البشرية والمشاريع المالية. إن مخرجات المنتدى السعودي السوري للاستثمار لم تكن مجرد أرقام، بل هي خارطة طريق لمستقبل من التعاون المثمر. ويُعد نجاح المنتدى السعودي السوري للاستثمار شهادة على عمق العلاقات الأخوية والرغبة الصادقة في تحقيق التنمية المستدامة.