دائمًا ما يتردد مفهوم التضخم الاقتصادي ويرتبط بالاضطرابات المالية التي تعيشها البلدان في جميع أنحاء العالم، وتضعه الكثير من الحكومات ضمن أولوياتها في العمل على الخطط المستقبلية.
ويرتبط التضخم بجميع النواحي الحياتية ويؤثر على الحياة اليومية للفرد، ولذلك سنجد أن الكثير من الساسة يضعون خفض التضخم في المرتبة الأولى ضمن وعودهم الانتخابية.
يُعرف التضخم الاقتصادي بأنه فقدان تدريجي للقدرة الشرائية من المستهلكين والشركات، وينعكس بشكل واضح على ارتفاع السلع والخدمات في جميع نواحي الاقتصاد. ويستهدف التضخم قياس التأثير الذي يتركه تغير أسعار السلع والخدمات والمنتجات خلال فترة زمنية محددة.
في عالم الاقتصاد، ينتج التضخم طويل الأمد عن زيادة المعروض النقدي عن طريق طباعة المزيد من الأموال وتوزيعها على المواطنين أو تخفيض قيمة العملة بشكل قانوني، ما يؤدي إلى خفض قيمتها الشرائية في مقابل السلع. كما يمكن أن يحدث بسبب ما يُعرف باسم السياسة النقدية المتراخية، ويعني ذلك أنه إذا كان سعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي منخفضًا جدًا، سيرتفع التضخم بشكل كبير، وستفقد الأموال قيمتها ولن تعد كما كانت عليه أمس.
وكمثال، كان متوسط سعر فنجان القهوة في الولايات المتحدة 25 سنتًا في عام 1970، وبحلول عام 2019، ارتفع إلى 1.59 دولار. لذا مقابل 5 دولارات، كان بإمكانك شراء حوالي ثلاثة أكواب من القهوة في عام 2019، مقابل 20 كوبًا في عام 1970.
وقد يحدث التضخم بسبب تراجع المعروض من السلع الأساسية والخدمات ما يؤدي إلى رفع الأسعار. ويتم حساب التضخم من خلال متوسط الزيادة في سعر مجموعة من السلع والخدمات المختارة على مدار عام واحد، ويكون التضخم مرتفعًا عندما تزداد الأسعار بسرعة والعكس صحيح، ويمكن مقارنة التضخم بالانكماش، والذي يحدث عندما تنخفض الأسعار وتزداد القوة الشرائية. ويمكن أن يحدث التضخم أيضًا نتيجة صدمات العرض التي تعطل الإنتاج، مثل الكوارث الطبيعية، أو ترفع تكاليف الإنتاج، مثل ارتفاع أسعار النفط، قد تؤدي إلى خفض العرض الإجمالي وتؤدي إلى التضخم.
هناك 3 أنواع رئيسية من التضخم وهي:
يحدث هذا النوع من التضخم نتيجة لزيادة المعروض من النقود والائتمان، وهو ما يحفز الطلب على السلع والخدمات لترتفع بشكل يفوق قدرات الاقتصاد على تلبيته بالإنتاج، وهو ما يؤدي إلى رفع الأسعار. وبشكل عام يدفع المال الوفير لتحفيز القدرات الشرائية والرغبات الاستهلاكية وبالتالي زيادة الإنفاق. هذا الإنفاق الضخم يزيد من الفجوة بين العرض والطلب، ومن ثم زيادة الأسعار.
يحدث تضخم التكاليف بسبب توجيه الإضافات إلى المعروض من النقود والائتمان إلى أسواق السلع الأساسية أو غيرها من الأصول، ما يؤدي إلى رفع تكاليف جميع أنواع السلع الوسيطة. ويتضح هذا بشكل خاص عندما تحدث صدمة اقتصادية سلبية لمعروض السلع الأساسية. ونتيجة لتلك التطورات تزداد تكلفة المنتج النهائي أو الخدمة وبالتبعية سعره الذي يُطبق على المستهلك.
يُنتج هذا النوع من التضخم دائرة مفرغة من الزيادات، إذ إن الزيادة المستمرة في أسعار السلع تخلق نوعًا من التوقع لدى المستهلكين باستمرار زيادة أسعار السلع والخدمات، وهو ما يدفعهم للمطالبة بأجور أعلى، وهذه الأجور المرتفعة تؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات وتستمر هذه الدوامة من الزيادات مدفوع كلا منهما بالآخر.
ينعكس التضخم الاقتصادي على جميع القطاعات ونواحي الاقتصاد، ويتسبب في انخفاض قيمة المال، وهو ما يؤدي إلى مطالبة العمال والموظفين بأجور أعلى، ومن ثم ترفع الشركات من أسعار سلعها وخدماتها وهو ما يحفز الأسعار على التضخم أكثر. كما يضع التضخم المستهلك في حيرة ترتيب أولويات نفقاته على السلع والمنتجات خصوصًا إذا كانت ضرورية. من ناحية أخرى قد يتسبب التضخم في تراجع قيمة المدخرات إذا كانت في صورة أموال سائلة، وبالتالي يخفض من قدرتها وقيمتها الشرائية بشكل كبير.
تمتلك الحكومات وصناع القرار مجموعة من الإجراءات التي يمكن بموجبها احتواء التضخم الاقتصادي بأنواعه ومنها:
هناك مجموعة من التدابير التي يمكن من خلالها حماية الأموال خلال فترات التضخم، وذلك عن طريق استثمارها في أصول تتفوق من حيث القيمة خلال فترات التضخم، ومنها: السلع الأساسية مثل الحبوب ولحوم البقر والنفط والكهرباء والغاز الطبيعي. كما يمكن استثمار الأموال في الأصول العقارية التي تسمح لملاكها بزيادة الإيجارات أو سعر البيع تماشيًا مع التضخم، كما يمكن الاستثمار في السندات التي تزيد قيمتها بمرور الوقت والاستفادة من العائد المادي الخاص بها.
كما يُعد الاستثمار في الأسهم أحد الحلول من خلال إضافتها للمحفظة الاستثمارية، إلى جانب القروض البنكية المضمونة لكسب عائدات أعلى مع حماية نفسك من انخفاض الأسعار إذا بدأت الأسعار في الارتفاع.
يُعد معدل التضخم في المملكة العربية السعودية ضمن أقل معدلات التضخم بين دول العشرين، ووفق أحدث الإحصاءات، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، بلغ معدل التضخم السنوي في المملكة نسبة 2.0% خلال شهر يناير 2025، مقارنة بنظيره من العام الماضي. وخلال العام الماضي، حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 1.3% خلال عام 2024، وحققت الأنشطة غير النفطية والأنشطة الحكومية ارتفاعًا بنسبة 4.3 %و 2.6 % على التوالي، فيما شهدت الأنشطة النفطية انخفاضا قدره 4.5%.
واستقر التضخم خلال 2024 عند مستوى 2.1% في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بفضل الدعم الحكومي وضبط أسعار الوقود، إلا أن قطاع الإسكان واجه بعض التحديات التضخمية. وتوقع البنك الدولي أن يحقق النمو في المملكة ما نسبته 4.7% بين عامي 2025 و2026.
اقرأ أيضًا:
بينهما دولتان عربيتان.. قائمة الدول التي تعاني من أعلى معدلات التضخم الغذائي
بيانات التضخم الأميركية ترسم مستقبل أسعار الذهب حتى 2025