logo alelm
يوم النخيل العربي.. كيف تحوّل المملكة نخليها إلى أخشاب؟

يُجسّد النخيل في السعودية رمزًا وطنيًا وموردًا اقتصاديًا غنيًا، ولم يعد دوره يقتصر على إنتاج التمور، بل أصبح محورًا لمشاريع ابتكارية واعدة تعكس تنوع مجالات الاستفادة منه. ويبرز ذلك بوضوح في مبادرة تحويل جريد النخيل إلى أخشاب عالية الجودة تجمع بين الاستدامة والقيمة الاقتصادية، وهو إنجاز يتناغم مع ما يتم الاحتفاء به في يوم النخيل العربي الذي يسلط الضوء على مكانة هذه الشجرة وأهميتها في دعم التنمية وتعزيز الاقتصاد.

وتتميز النخلة بقدرتها الفريدة على النمو منفردة أو ضمن تكتلات تشترك في نظام جذري واحد، بينما يتراوح ارتفاعها بين 25 و45 مترًا فوق سطح الأرض، في حين تمتد أوراقها الطويلة ذات الشكل الريشي المركب لتصل إلى أطوال تتراوح بين 240 و370 سنتيمترًا، وتعلوها أشواك مدببة.

أما تاج النخلة، فيبلغ مداه الكامل بين 6 و10 أمتار، ليضفي على المشهد الطبيعي مظهرًا مهيبًا يجسد قوة التحمل والوفرة في آن واحد.

ومع هذا الانتشار الواسع للنخيل في المملكة وما يمثله من رمز وطني ومورد اقتصادي، برزت الحاجة إلى استثمار أجزائه المختلفة بطرق أكثر ابتكارًا، بما يحقق قيمة مضافة تتجاوز دوره التقليدي في إنتاج التمور.

ومن هذا المنطلق جاءت المبادرات الحديثة التي تسعى إلى توظيف جريد النخيل كمورد صناعي قابل للتحويل إلى منتجات عالية الجودة، في خطوة تعكس رؤية المملكة نحو تعظيم الاستفادة من ثرواتها الطبيعية وتحويلها إلى فرص اقتصادية مستدامة.

ومن هنا جاءت فكرة تحويل سعف النخيل إلى خشب عالي الجودة، وهي مبادرة تتبناها الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير “سرك”، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، بالتعاون مع جامعة الملك فيصل في الأحساء.

ويُعد هذا المشروع خطوة رائدة في استثمار الموارد الطبيعية بالمملكة، خصوصًا النخيل الذي يمثل رمزًا وطنيًا واقتصاديًا. ومن خلال تحويل جريد النخيل إلى منتجات مبتكرة، يجسّد المشروع التنويع الاقتصادي، في انسجام مع ما يؤكد عليه يوم النخيل العربي من إبراز دور النخلة.

وتقوم هذه التقنية الحديثة على إعادة تدوير جريد النخيل وتحويله إلى ألواح خشبية تتميز بخصائص متعددة، فالخشب الناتج عن عملية إعادة التدوير يمتاز بمتانته العالية، إذ يظهر مقاومة ملحوظة للتآكل والتغيرات المناخية المختلفة، ما يجعله مناسبًا للاستخدام في بيئات متنوعة.

ومن المميزات أيضًا التي لا يمكن إغفالها هي جانب التكلفة، فالخشب الناتج عن إعادة تدوير جريد النخيل يُعد أقل تكلفة مقارنة بالخشب الطبيعي، وذلك بفضل وفرة هذه المادة الخام وسهولة الحصول عليها من بساتين النخيل المنتشرة بكثافة في مختلف مناطق المملكة.

يتيح هذا المشروع فرصة حقيقية لتقليل الاعتماد على الأخشاب المستوردة، مما يعزز من قيمة المنتج المحلي ويدعم جهود الاستدامة الاقتصادية، وهكذا يجمع خشب النخيل بين الجودة والعملية من جهة، والجدوى الاقتصادية من جهة أخرى، ليصبح خيارًا واعدًا للصناعات المختلفة.

وإلى جانب ذلك، يُعد هذا الخشب صديقًا للبيئة لأنه لا يتطلب قطع الأشجار بأكملها لاستخراج خشبها كما هو الحال مع الخشب الطبيعي، وهو ما يجعله خيارًا يحافظ على التوازن البيئي ويسهم في تقليل الآثار السلبية على الطبيعة.

ولا تقتصر فائدة الخشب المصنع من جريد النخيل على خصائصه التقنية والبيئية فحسب، بل تمتد إلى استخدامات عملية متشعبة تسهم في تلبية احتياجات الأفراد والمجتمع. فهو يدخل في صناعة الأثاث المنزلي بمختلف أشكاله، بما يضفي قيمة جمالية ووظيفية على المنازل، كما يستفاد منه في صناعة الأثاث المكتبي الذي يلبي متطلبات المؤسسات والجهات المختلفة.

وإلى جانب ذلك، يُستخدم الخشب في إنتاج الأدوات المنزلية التي تشكل عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية، ليبرهن على أن النخلة، بما تقدمه من موارد، قادرة على أن تكون ركيزة لمشاريع اقتصادية وحلول مستدامة تسهم في تعزيز جودة الحياة.

وفي السياق ذاته، يجد هذا الخشب تطبيقاته في قطاع مواد البناء، وهو من القطاعات الحيوية التي تستفيد بشكل مباشر من توفر مادة أولية تجمع بين الجودة والتكلفة المناسبة. ويُستخدم الخشب المستخرج من جريد النخيل في تصنيع مكونات إنشائية مختلفة يمكن الاعتماد عليها في عمليات البناء والتشييد، مما يساهم في دعم التوسع العمراني وتلبية الطلب المتزايد على المواد البديلة.

وبذلك، يظهر بوضوح أن مشروع تحويل جريد النخيل إلى خشب عالي الجودة يمثل استثمارًا طبيعيًا ذكيًا، يجمع بين الاستفادة المثلى من الموارد المحلية وحماية البيئة، مع فتح آفاق جديدة لاستخدامات عملية تدعم التنمية الاقتصادية وتخدم احتياجات المجتمع.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| إنجازات القطاع المالي السعودي بالأرقام

المقالة التالية

نتنياهو يتوعّد باستهداف حماس “أينما كانوا”