شهدت الأسواق المالية العالمية خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا لافتًا في عوائد السندات طويلة الأجل، حيث تجاوز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا مستوى 5% لأول مرة منذ يوليو، فيما لامست السندات اليابانية مستويات قياسية نتيجة التضخم المستمر وعدم الاستقرار السياسي.
وفي بريطانيا، ارتفعت عوائد السندات إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1998، بينما في فرنسا وألمانيا سجلت السندات موجة بيع حادة لم تُسجل منذ سنوات طويلة، وأثارت هذه التطورات تساؤلات حول أسباب عزوف المستثمرين عن السندات رغم عوائدها المرتفعة.
في الوقت الذي تتراجع فيه جاذبية السندات، يحقق الذهب مكاسب قوية، مسجلاً مستوى قياسيًا بلغ 3578.5 دولارًا للأوقية، ويشير المحللون إلى أن الذهب أصبح الوجهة المفضلة كملاذ آمن، حيث يعيد المستثمرون النظر في الاعتماد التقليدي على السندات لحماية ثرواتهم.
وعززت المخاوف من الأوضاع المالية والنقدية في الاقتصادات الكبرى، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية، مكانة الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم والاضطرابات السياسية.
يفسر الخبراء تخلص المستثمرين من السندات بعدة أسباب، أبرزها:
هذه العوامل جعلت السندات أداة استثمار أقل أمانًا، رغم وعودها بعوائد ثابتة على المدى الطويل.
على عكس السندات، التي تمثل التزامًا ماليًا من الحكومات تجاه المستثمرين، فإن الذهب أصل مادي نادر يحتفظ بقيمته ولا يتأثر بالسياسات المالية أو الأزمات الحكومية، وهو ما يمنحه ميزة كبرى في أوقات الاضطراب.
وتؤكد البنوك المركزية والمؤسسات المالية العالمية أن الذهب لا يصدأ ولا يتآكل، ويعد المخزن النهائي للقيمة، في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن استقرار النظام النقدي العالمي.
لاحظ المحللون أن حركة الأموال تعكس تغيرًا في أولويات المستثمرين؛ إذ لم تعد السندات الخيار الأول لتأمين الثروة، بل أصبح الذهب في المقدمة، خصوصًا مع تصاعد القلق من طباعة المزيد من النقود لتمويل الديون الحكومية.
هذا التحول يعكس إدراكًا بأن العملات الورقية قد تفقد جزءًا من قيمتها في المستقبل، بينما يظل الذهب محتفظًا بجاذبيته.
رغم موجة البيع الحالية، يرى بعض المحللين أن عوائد السندات قد تجذب المستثمرين من جديد إذا ارتفعت أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ مما هو متوقع، لكن المخاطر الهيكلية المتعلقة بالديون غير المستدامة، وتصاعد التوترات العالمية، تظل عائقًا أمام عودة قوية لهذا السوق.
في المقابل، يحتفظ الذهب بمكانته كأصل احتياطي عالمي، خصوصًا في ظل المخاوف من ضعف الدولار الأمريكي وتراجع الثقة بالعملات الورقية.
الخلاصة أن المستثمرين يبتعدون عن السندات ليس فقط بسبب العوائد، بل نتيجة فقدان الثقة في قدرتها على حماية الثروات وسط أزمات الديون والسياسات المالية غير المستقرة.
أما الذهب، فقد نجح في ترسيخ مكانته كملاذ آمن، مستفيدًا من كونه أصلًا ماديًا غير مرتبط بالالتزامات الحكومية، ليصبح الخيار الأبرز في زمن القلق الاقتصادي.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
نصيحة تمنى “سام ألتمان” أن يحصل عليها مبكرًا
درس من مؤسس باي بال في كيفية إدارة جولات التمويل
حتى لا تضيع فرصتك.. ثلاث إجابات قاتلة تجنبها في مقابلة العمل