أثار الإعلان عن إصدار مذكرات الأمير هاري سليل العائلة الملكية في بريطانيا، بالإضافة إلى تسريب بعض المقتطفات من مقابلاته مع برنامج “60 دقيقة”، هالة من التساؤل حول ما يتضمنه الكتاب عن تفاصيل جديدة حول حياته السابقة.
دفعت هذه الجلبة علماء النفس إلى تحليل شخصية هاري الذي يميل إلى الحديث كثيرًا عن خبايا الحياة الملكية، فيما يلتزم قصر باكنغهام والعائلة الملكية الصمت بما في ذلك الأمير ويليام.
شعور بالنقص
تقول عالمة النفس البحثية، الدكتورة بيجي دريكسلر، إن شخصية هاري تعكس الصراع الأخوي الموجود على مر العصور، ورغم أن العائلات ليست كلها ملكية، إلا أن التنافس بين الأشقاء أمر متعارف عليه في العائلات كافة، وخلّف ذلك شعورًا واضحًا بالنقص لدى هاري، نابعا من عجزه عن الرد طوال حياته.
استندت تحليلات دريكسلر على تصريحات سابقة لهاري أبرزت إحساس الضعف لديه، كحديثه عن شعوره الدائم بأنه فرد احتياطي داخل أسرته، وأن انفصاله عن القصر جاء لرغبته في تكوين أسرة عادية وليست مؤسسة كما هو في حياته السابقة.
وعزز من هذا التقييم، المزاعم التي قادها هاري عن أخيه والتي سرد خلالها تفاصيل عن مشاجرة جسدية بين الإثنين قام خلالها ويليام بطرح هاري على الأرض وتسبب له في خدوش وكدمات.
وترجح دريكسلر أن هاري كان يبحث طوال الوقت عن شخص يدعمه في الانفصال عن عائلته، ووجد ذلك في زوجته ميغان، خصوصُا وأنها امرأة قاد طموحها مسيرتها المهنية كممثلة، ولا تخشى التعبير عن آرائها بحرية حتى أمام العائلة المالكة.
وفيما يحاول هاري وميغان السيطرة على نفسيهما في سرد أسرار العائلة الملكية، بعد التغطية الصحفية السيئة التي تناولت الأمر من قبل، تقول عالمة النفس أنه ربما تدفعنا عواطفنا لازدراء الطريقة التي اتيعها هاري للتعامل مع ظروف حياته، ولكن في الوقت نفسه قد يكون لدينا بعض التعاطف معه، خصوصُا وأن حياته الأولى لم تكن اختياره وأنه قد يكون غير ناضج بالدرجة الكافية رغم بلوغه الـ 38.
صدمة الفقد
من ناحية أخرى، تحدث عدد من علماء النفس عن تأثير حادث مقتل الأميرة ديانا والدة الأمير هاري في حادث سيارة في باريس عام 1997، على تكوين شخصية الأمير الصغير الذي كان يبلغ وقتها 12 عامًا فقط.
وشددت هنا الدكتورة ليندا بلير، المختصة النفسية الإكلينيكية، على أهمية الدعم النفسي الذي يتلقاه الأطفال في هذا العمر عند تعرضهم لفقدان الأم، وكيف يكون هذا الدعم وسيلة لنشأتهم أسوياء بعد ذلك وهو ما افتقر إليه هاري، الذي قال خلال أحد الأفلام الوثائقية، إنه لم يتلق الدعم المناسب في أعقاب وفاة والدته، وقال أنه بدأ العلاج من تأثير هذه الأزمة النفسية في عمر الـ 28 بعد أن شعر بغضب عظيم داخله.
وفي ذات السياق قالت ليتيتسيا بيرنا، المعالجة النفسية ومديرة الخدمات في منظمة Winston’s Wish الخيرية للطفولة، إنه ليس من المستغرب أن يتحدث هاري دائمًا عن موضوع خسارته، وأنه شعر وسيشعر دائمًا يغياب والدته في تفاصيل حياته التي رغب أن تشاركه فيها، ورغم مرور كل هذه السنوات على فقده الأليم لأمه، إلا أن جرحه لايزال غائرًا ولا يزال حزينًا حتى الآن.
أجاثا كريستي.. “ملكة الجريمة” التي صادقت الأدب البوليسي