في الأسابيع الأخيرة ازدادت المخاوف من اجتياح روسيا لأوكرانيا، بعد تقارير عن تجمع نحو 90 ألف جندي روسي قرب الحدود بين البلدين.
ومن جانبها عبرت الولايات المتحدة الأمريكية، عن قلقها من النشاط العسكري غير المعتاد لروسيا قرب الحدود مع أوكرانيا، في المقابل طالب الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، الغرب بتقديم ضمانات جادة وأمنية فورية من أجل إنهاء الأزمة مع أوكرانيا، نافيًا نيته اجتياح “كييف”، ولكنه هدد بتنفيذ عمليات عسكرية للتصدي لما وصفه بتوسع الناتو نحور روسيا.
كل ما يحدث يطرح تساؤلًا هامًا: ما الذي تريده روسيا من أوكرانيا؟ ولفهم ذلك يجب العودة إلى تاريخ العلاقة بين البلدين.
روسيا وأوكرانيا عبر التاريخ
كانت أوكرانيا جزءًا من الاتحاد السوفيتي، ونالت استقلالها عام 1991 بعد تفكك الاتحاد. وهناك نسبة كبيرة من الأوكرانيين يتحدثون اللغتين الروسية والأوكرانية، والروسية هي الأكثر شيوعًا في مناطق شرق البلاد، خاصة منطقتي “دونباس” وشبه جزيرة القرم.
ظلت أوكرانيا حليفة لموسكو سنوات طويلة، لكن ذلك تغير مع الألفية الثالثة، بعد الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته “كييف”، واقترابها من الغرب، وقد تزامن ذلك مع صعود “فلاديمير بوتين” إلى السلطة في روسيا ورغبته في توطيد نفوذ الكرملين في “كييف”، والحيلولة دون انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، الذي تعتبره روسيا تهديدًا لأمنها.
[two-column]
وفي نوفمبر 2013 خرج الآلاف في العاصمة “كييف”، للمطالبة بإسقاط الحكومة، وكانت تلك بداية ما يعرف بالثورة الأوكرانية، التي أطاحت بالرئيس “يانوكوفيتش”، واعتبر “بوتين” ذلك تهديدًا مباشرًا من الغرب ضد روسيا، قبل أن يرد بشن حملة لضم شبه جزيرة القرم، مستغلًا الأزمة السياسية في أوكرانيا.
[/two-column]
في البداية كان الأسلوب الروسي لتحقيق هذا الهدف لينًا، لكنه ازداد حدة شيئًا فشيئًا، وفي 2004 اتُّهِمت روسيا بتسميم مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية بأوكرانيا، “فيكتور يوشتشينكو”، الذي فاز على المرشح المقرب لـ”بوتين”، “فيكتور يانوكوفيتش”، لكن ذلك لم يُنهِ النفوذ الروسي في البلاد؛ إذ بقيت أوكرانيا تعتمد بشكل كلي على الغاز الروسي.
ومع وصول “يانوكوفيتش”، إلى السلطة في 2010، وقَّع البلدان اتفاقية تضمن للبحرية الروسية البقاء في القرم، وخلال تلك الفترة ازداد الشعور المناهض لروسيا داخل أوكرانيا وسط دعوات للحكومة الأوكرانية بالمزيد من التعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وفي نوفمبر 2013 خرج الآلاف في العاصمة “كييف”، للمطالبة بإسقاط الحكومة، وكانت تلك بداية ما يعرف بالثورة الأوكرانية، التي أطاحت بالرئيس “يانوكوفيتش”، واعتبر “بوتين” ذلك تهديدًا مباشرًا من الغرب ضد روسيا، قبل أن يرد بشن حملة لضم شبه جزيرة القرم، مستغلًا الأزمة السياسية في أوكرانيا.
هل تندلع الحرب؟
لم يتوقف التدخل الروسي عند هذا الحد، بل استمر من خلال دعم المقاتلين الانفصاليين، بمنطقة “دونباس” شرق البلاد، في شن حرب ضد القوات الأوكرانية، وهو الصراع الذي تسبب حتى الآن في مقتل أكثر من 13 ألفًا بين مدنيين وعسكريين.
وتصر روسيا حتى الآن على نفي الاتهامات الأخيرة بمحاولة اجتياح جارتها لكنها لم تستبعد الرد على ما وصفته بتوسع الناتو نحو حدودها، فهل تدفع أوكرانيا ثمن رغبة روسيا في حماية نفسها؟ وهل تصمت أمريكا ومعها “الناتو” على أي تحرك روسي؟ الإجابة ستحملها الأيام القليلة القادمة، خاصة أن أي مواجهة بين روسيا وأوكرانيا قد تقود لحرب عالمية جديدة، بسبب إقرار أمريكا وحلف شمال الأطلسي بحق أوكرانيا في تحديد المصير.
اقرأ أيضاً:
أزمة القرم.. ماذا يحدث بين روسيا وأوكرانيا؟