كانت 3 سنوات من غزو روسيا الشامل كافية لتغيير ملامح أوكرانيا، وذلك ما بين خسارة مساحات شاسعة من أراضيها ومقتل وجرح الآلاف وتهجير الملايين من مناطقهم.
ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية في أقرب وقت، وذلك من خلال عدة مساعي ولقاءات كان آخرها محادثات سلام استضافتها المملكة العربية السعودية في الرياض الأسبوع الماضي بحضور مسؤولين روس وأمريكيين، دون حضور أوكراني أو أوروبي. وأدى هذا الموقف لشعور أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بالذهول، خصوصًا في ظل التحول الجديد في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه كييف منذ تولي ترامب الرئاسة.
وفي السطور التالية نسلط الضوء على أبرز التغييرات التي طالت أوكرانيا منذ بداية الحرب:
فقدان الأراضي الأوكرانية
كانت الحرب منذ بدايتها مسار دفاع وهجوم من الطرفين، ونجحت أوكرانيا خلال تلك الفترة في حماية عاصمتها كييف من تقدم القوات الروسية، وحققت انتصارات مماثلة في أجزاء من شمال شرق خاركيف وجنوب خيرسون. ولكنها في المقابل خسرت أجزاء كبيرة من أراضيها في المناطق الشرقية مثل دونيتسك وباخموت. وبحسب تحليل بيانات معهد دراسة الحرب في الولايات المتحدة الذي أجرته شبكة CNN، فقدت أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير 2022 ما قدره 11% من أراضيها وإجمالًا خسرت نحو 18% من أراضيها لصالح روسيا والانفصاليين الأوكران منذ بداية الصراع في عام 2014.
وكانت البداية في 2014 عندما استولت القوات الروسية على شبه جزيرة القرم التي تقع تحت السيادة الأوكرانية، والذي جاء في أعقاب أحداث ثورة الميدان التي أشعلت الاضطرابات السياسية في كييف. كما تمكّن الانفصاليون الذين ترعاهم روسيا من السيطرة على منطقة دونباس حتى الآن. وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يتوقع حربًا سريعة تنتهي خلال أسهر قليلة عندما شن هجماته على أوكرانيا في 2022، ولكن ما حدث هو استمرار الحرب لـ3 سنوات تكبدت روسيا بسببها خسائر أيضًا في ظل الهجمات المضادة التي شنتها أوكرانيا بدم من الحلفاء الغربيين.

مخاوف فقدان الحليف الأكبر
قدمت الولايات المتحدة منذ بداية الحرب الدعم الأكبر لأوكرانيا من بين جميع الحلفاء الغربيين، إذ مدتها بنحو 95 مليار دولار في صورة مساعدات عسكرية وإنسانية ومالية، والتي باتت مُهددة بعد أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسة.
ويكشف الرسم البياني التالي من CNN مصادر الأموال المخصصة لجهود الحرب في أوكرانيا.

ووعد ترامب منذ حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الروسية في أسرع وقت فور توليه السلطة، وبالفعل بدأ ترامب محادثات ثنائية من أجل ذلك، واقترح مؤخرًا أن تكون المساعدات الأمريكية المقدمة إلى أوكرانيا ذات منفعة متبادلة عن طريق تمكينه من الانتفاع بالمعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا. ولكن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي لم يرحب بهذا المقترح، خصوصًا وأن الولايات المتحدة لم تقدم أي ضمانات عن التزامها بتقديم المساعدات العسكرية في المستقبل لكييف، بخلاف أنها أجرت محادثات من الروس في قمة احتضنتها السعودية الأسبوع الماضي، دون مشاركة أوكرانية أو أوروبية.
وقال ترامب لقناة فوكس نيوز في وقت سابق من هذا الشهر: “لقد أخبرتهم أنني أريد ما يعادل 500 مليار دولار من المعادن النادرة، وقد وافقوا على ذلك، لقد قلت لهم، يجب أن نحصل على شيء. لا يمكننا الاستمرار في دفع هذه الأموال”.
وكان قرار الولايات المتحدة بتعليق أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ذو تأثير قوي على أوكرانيا، إذ تسبب تجميد تجميد التمويل إلى قيام المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية الأوكرانية بإجراء تخفيضات بما في ذلك تسريح الموظفين وإغلاق خطوط المساعدة الخاصة بالانتحار ومشاريع الكشف عن فيروس نقص المناعة البشرية مؤقتًا. في السنوات الثلاث الماضية، كانت أوكرانيا أكبر متلقٍ لأموال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
تهجير ومقتل الأوكرانيين
على غرار تبعات جميع الحروب، تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في إجبار الملايين من الأوكرانيين على الفرار من منازلهم إلى أجزاء أخرى من البلاد منذ عام 2022. وتسبب الغزو الروسي في تحول 6.3 مليون أوكراني إلى لاجئين في أوروبا، من بينهم 1.2 مليون في ألمانيا ونحو مليون في بولندا، و390 ألفًا في جمهورية التشيك، بحسب بيانات نهاية عام 2024 من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وكان هناك 1.2 مليون لاجئ أوكراني يعيشون في الاتحاد الروسي، وفقًا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة اعتبارًا من يونيو 2024.
على الجانب الآخر لقي آلاف المدنيين مصرعهم بسبب الحرب، إذ قُتل وجُرح أكثر من 40 ألف مدني في أوكرانيا أثناء الصراع، ووقع العديد من الوفيات نتيجة لاستخدام أسلحة متفجرة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وكان ما لا يقل عن نصف القتلى حوالي 6203 من الرجال البالغين، و669 من الأطفال.
اقرأ أيضًا:
لماذا تتناقض تصريحات ترامب حول حرب روسيا وأوكرانيا.. هل ستنتهي قريبًا؟
هل تتنازل روسيا عن أصولها المجمدة كجزء من تسوية الحرب في أوكرانيا؟