مع إعلان المملكة العربية السعودية عام 2025 «عام الحرف اليدوية»، تبرز منطقة القصيم كمثال على الاهتمام المتزايد بالحرف التقليدية، حيث لم تقتصر على كونها جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمع، بل أصبحت أيضًا قطاعًا اقتصاديًا مهمًا يسهم في تنمية الموارد المستدامة وخلق فرص عمل.
تشمل الحرف اليدوية في القصيم صناعات متنوعة مثل السدو، والطواقي، والأزياء المطرزة، والأدوات التراثية، مما يعكس تفاعل الخبرات الحرفية التقليدية مع الاتجاهات الحديثة لتطوير هذه الصناعات بما يتناسب مع احتياجات السوق المحلي والدولي.
ومن خلال ذلك، تمثل القصيم نموذجًا لتحول الحرف اليدوية إلى قطاع منتج قادر على إحداث تأثير اقتصادي واجتماعي، من خلال توفير مصادر دخل مستدامة لشرائح واسعة من المجتمع، لا سيما في المناطق الريفية.
ماذا تشمل الحرف اليدوية في القصيم؟
تتنوع الحرف اليدوية في القصيم لتشمل صناعة الأدوات اليومية، المشغولات التذكارية، والحلول التقليدية التي أثبتت كفاءتها عبر الزمن. من أبرز هذه الحرف صناعة الصحاف الخشبية، حيث يتم تحويل أخشاب شجر الأثل إلى أدوات عملية للطهي أو قطع فنية تضفي لمسة جمالية على المجالس التراثية.
كما تشمل الصناعات الأخرى أدوات الزراعة القديمة، الألعاب المصنوعة يدويًا، والأبواب والنوافذ التي تحمل الطراز النجدي التقليدي.
تشمل القائمة أيضًا:
-
المنتجات الخوصية في عنيزة.
-
صناعات النسيج التقليدي مثل السدو.
-
خرازة الجلود، خاصة الأحذية النجدية.
-
العطور والبخور ودهن العود.
-
الحلويات الشعبية مثل الكليجا والمعمول.
كيف تعزز الحرف اليدوية دور النساء اقتصاديًا؟
شكلت النساء في القصيم عنصرًا أساسيًا في مسيرة الحرف اليدوية، مدعومات بجمعيات محلية مثل جمعية «حرفة» التعاونية في بريدة. ساهمت هذه الجمعيات في تمكين النساء اقتصاديًا عبر تدريبهن وتوفير الأدوات اللازمة، بالإضافة إلى تسويق منتجاتهن في الأسواق المحلية والعالمية.
ركزت جهود الجمعيات على تطوير مجالات متعددة، منها الأزياء المطرزة التقليدية، المأكولات الشعبية كالكليجا، وصناعات النسيج وتغليف التمور. علاوة على ذلك، تم تنظيم معارض متخصصة لعرض هذه المنتجات، مما أسهم في تعزيز دخل النساء وتحقيق استدامة اقتصادية لهن.
ما دور المؤسسات في دعم الحرف اليدوية؟
لعب الدعم المؤسسي دورًا بارزًا في ازدهار الحرف اليدوية بالقصيم، إذ قدمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، من خلال برنامج «بارع»، مبادرات شملت تحسين جودة الإنتاج، تعزيز الابتكار، وتوفير فرص عمل إضافية للأسر.
كما أسست الهيئة أسواقًا دائمة مثل مركز الحرف في بريدة وسوق المسوكف الشعبي في عنيزة، بجانب دعم مشاركة الحرفيين في فعاليات وطنية ودولية كـ«سوق عكاظ» و«مهرجان الشيخ زايد» في الإمارات. كما أولت اهتمامًا بمواقع مثل بلدة الخبراء التراثية لتكون منصات تسويق للحرف اليدوية ووجهات جذب للزوار.
كيف يضمن التدريب استدامة الحرف اليدوية؟
تركزت برامج التدريب في القصيم على نقل المهارات إلى الأجيال الشابة، حيث قدم بيت الحرفيين في بريدة دورات مكثفة شملت النقش على الأبواب الخشبية، تطريز الملابس التراثية، وصناعة المنتجات الخوصية.
واستمرت هذه الورش لشهرين بمعدل 20 ساعة أسبوعيًا، مستهدفة تدريب 20 مشاركًا لكل حرفة.
ولم تقتصر الجهود على التدريب، بل امتدت إلى وضع خطط إنتاج مدروسة لتسويق المنتجات النهائية باحترافية، مما أسفر عن إنتاج آلاف القطع التي جمعت بين الجمالية والوظيفية، وحققت عائدات مادية مباشرة للحرفيين.
ما الرؤية المستقبلية للحرف اليدوية؟
تتجه المبادرات المستقبلية إلى تحويل الحرف اليدوية إلى صناعة متطورة عبر برامج تدريبية متقدمة، وتوسيع المشاركات الدولية. كما تسعى هيئة التراث إلى تعزيز جاذبية الحرف بإطلاق تصاميم مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، ما يجعلها أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.