لا يزال الحجم الحقيقي لثروة عائلة الأسد لغزًا محيرًا، حيث قدرت بعض التقارير الأجنبية حجم الثروة العائلية بما يتجاوز 12 مليار دولار، موزعة بين عقارات في مدن كبرى مثل دبي، موسكو، ولندن، إلى جانب عشرات الحسابات المصرفية السرية.
تجميد حسابات مصرفية وأصول ضخمة
مع اندلاع الحرب الأهلية السورية، أفادت تقارير بريطانية أن السلطات في المملكة المتحدة جمدت حسابًا يحتوي على 40 مليون جنيه إسترليني (نحو 50 مليون دولار) في فرع بنك “HSBC” بلندن.
هذا الحساب، الذي ارتفع مع الفوائد ليصل إلى 55 مليون جنيه إسترليني، يمثل جزءًا صغيرًا من الثروات المتداولة.
وتشير تقديرات أخرى إلى امتلاك العائلة 200 طن من الذهب وأصول بقيمة 22 مليار دولار، بينما اقترح بعض المحللين أن شبكات الأصول الخفية قد تصل إلى 122 مليار دولار.
شبكات مالية معقدة وأعمال غير مشروعة
تشير تقارير أمريكية وأبحاث اقتصادية إلى تورط العائلة في جميع القطاعات الاقتصادية الكبرى داخل سوريا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ووفقًا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2022، فإن أموال العائلة نتجت من التجارة غير المشروعة، مثل تهريب المخدرات والأسلحة، والابتزاز، واستغلال موارد الدولة، وأن هذه العائدات كانت تمر عبر مؤسسات تبدو شرعية ظاهريًا.
صراع على الثروة داخل العائلة
لا تقتصر هذه الثروات على العائلة المباشرة، بل تمتد إلى أقارب وأبناء عمومة الأسد، ومن أبرز الأمثلة، رامي مخلوف، ابن خال الأسد، الذي اعتُبر يومًا أغنى رجل في سوريا بثروة تُقدر بين 5 و10 مليارات دولار.
لكن الخلافات العائلية عام 2020 أدت إلى تهميش مخلوف ووضعه تحت الإقامة الجبرية، لتستحوذ السلطة على إمبراطوريته الاقتصادية.
ومن جانب آخر، جمدت السلطات السويسرية عام 2016 حسابًا مصرفيًا يحتوي على 3.2 مليون دولار لأحد أفراد العائلة، نتيجة شبهات تتعلق بغسل الأموال.
وفي عام 2017، صادرت السلطات الإسبانية والفرنسية أصولًا بقيمة 600 مليون يورو من ممتلكات عم العائلة، رفعت الأسد، شملت فنادق وعقارات ومطاعم.
انتقال الأموال إلى روسيا
تزامنًا مع العقوبات الغربية، أصبحت روسيا الوجهة الأبرز للأموال السورية، خاصة بين عامي 2018 و2019.
وكشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن البنك المركزي السوري نقل جوًا ما يقارب 250 مليون دولار نقدًا إلى موسكو، وتحديدًا إلى مطار “فنوكوفو”.
كما أظهرت تقارير أن العائلة تمتلك 18 شقة فاخرة على الأقل في العاصمة الروسية.
خروج مفاجئ
أفادت مصادر بأن العائلة غادرت البلاد على عجل، دون إبلاغ المقربين منهم، حيث وصلت زوجة الأسد وأطفاله إلى روسيا، فيما تُركت خلفهم مقتنيات فاخرة.
وأظهرت مقاطع فيديو التُقطت لاحقًا أثاثًا باهظ الثمن وسيارات فارهة مثل “فيراري” و”لامبورغيني” و”رولز رويس”.
مطالب بملاحقة الثروة المنهوبة
مع تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا، تعالت أصوات منظمات حقوق الإنسان للمطالبة بالبحث عن أموال العائلة واستعادتها.
ويأتي ذلك في ظل تراجع الناتج المحلي الإجمالي السوري إلى 9 مليارات دولار، مع وصول معدلات الفقر إلى 69%، أي ما يعادل 14.5 مليون سوري بحسب تقديرات البنك الدولي لعام 2022.
مستقبل غامض وثروات متناثرة
مع بقاء جزء بسيط من الثروات المعلنة، يظل السؤال حول مصير هذه الأموال قائمًا، حيث أكد المسؤولون الدوليون أن ملاحقة الأصول المخفية ستشكل تحديًا عالميًا، نظرًا لما وصفوه بشبكات غسل الأموال المعقدة التي تم بناؤها لعقود.
وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول والمنظمات لاستعادة الأصول، يبقى السوريون العاديون في مواجهة أزمات معيشية واقتصادية خانقة، وسط مؤشرات مستمرة على تراجع الاقتصاد الوطني.
المصدر: