اقتصاد

الدول الأكثر اعتمادًا على صادرات التعدين.. الفرص والتحديات الاقتصادية

المعدن الأصفر يُحلّق.. لماذا ترتفع أسعار الذهب؟

في عالم يسوده التنافس الاقتصادي وتتسارع فيه التبادلات التجارية، تبرز بعض الدول التي تلتزم بتوجهٍ مهيمن يعتمد بشكل رئيسي على الثروات الطبيعية من المعادن والموارد الأساسية.

هذه الدول، التي تتركز صادراتها حول المعادن الثمينة مثل الذهب والماس والنحاس، تُظهر حجم الاعتماد الكبير على قطاع التعدين الذي يشكل أكثر من 60% من إجمالي صادراتها، غير أن هذا الاعتماد يُعد سلاحًا ذا حدين، إذ يمكن أن يُعرّض هذه الاقتصادات لهزات اقتصادية نتيجة التقلبات في أسعار هذه المعادن.

هرم المعادن

وتتربع بوتسوانا على رأس هذه الدول، إذ يساهم قطاع التعدين فيها بما يقارب 92% من إجمالي صادراتها، ويُشكل الماس 80% من هذه الصادرات، وتُعد بوتسوانا أكبر منتج للماس الخام غير المشطوف في العالم، وتؤكد الإحصائيات الاقتصادية أن التعدين يشكل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، مما يسلط الضوء على العلاقة الوطيدة بين اقتصادها وقطاع التعدين.

أما في غينيا، فتُشكل صادرات الذهب نحو 87% من إجمالي صادرات البلاد، ليجعل منها واحدة من أكبر منتجي الذهب في إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن غينيا تصدر كميات كبيرة من خام الألومنيوم، ما يعزز مكانتها كداعم رئيسي لأسواق المعادن في المنطقة.

بينما يتربع الذهب في مالي وبوركينا فاسو على عرش صادراتهما، حيث يشكل المعدن الثمين نحو 85% من صادرات مالي و84% من صادرات بوركينا فاسو، ما يجعل هاتين الدولتين من أبرز اللاعبين في سوق الذهب العالمي.

وتُظهر سورينام، التي تحتل المركز الخامس في هذا التصنيف، اعتمادًا كبيرًا على صادرات الذهب التي تشكل 83% من صادراتها، ما يجعلها من بين أبرز اقتصادات أمريكا الجنوبية التي تتبنى هذا النهج.

النحاس على الخط

وفي الوقت الذي تُهيمن فيه المعادن الثمينة على اقتصادات هذه الدول، تأتي زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لتثبتا أن المعادن الأخرى مثل النحاس تلعب دورًا محوريًا في تحريك اقتصادهما.

يشكل النحاس في زامبيا 79% من صادراتها، بينما يُعد المكون الأساسي في صادرات جمهورية الكونغو الديمقراطية أيضًا، حيث يشكل 77% من إجمالي الصادرات، لكن لا تقتصر صادرات هذه الدول على النحاس فقط، إذ تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية من كبار المصدرين للكوبالت، بينما تُصدر زامبيا كميات كبيرة من الذهب.

أما في موريتانيا، فإن الذهب يمثل 66% من صادراتها، ما يعكس اعتمادها الكبير على هذا المعدن، وكذلك في غويانا حيث يمثل الذهب 64% من صادراتها، ويعكس هذا الاتجاه المتزايد في الاستفادة من المعدن النفيس في اقتصادات الدول النامية.

حتى في قيرغيزستان، التي تعتمد على الذهب بنسبة 62% من صادراتها، وناميبيا التي تشكل صادرات الماس 61% من إجمالي صادراتها، يمكن ملاحظة أن هذه المعادن تشكل عماد اقتصادات تلك الدول، على الرغم من تحديات التنوع الاقتصادي.

ولعل أبرز ما يجمع هذه الدول هو أن معظمها ينتمي إلى القارة الأفريقية، إذ تشكل سبع دول من أصل عشر دول تعتمد على التعدين في صادراتها. ما يُظهر أن القارة السمراء تُعتبر مركزًا رئيسيًا لاستخراج المعادن وتصديرها إلى الأسواق العالمية.

لكن هذا الاعتماد الكبير على الموارد الطبيعية لا يخلو من مخاطره، ففي العديد من هذه الدول، يعاني الاقتصاد من التقلبات الحادة التي تصيب أسعار المعادن، مما يجعلها عرضة للصدمات الاقتصادية.

وفي حين أن أسعار الذهب قد تشهد ارتفاعًا مفاجئًا، قد يواجه النحاس أو الماس هبوطًا مفاجئًا، وهو ما يهدد استقرار هذه الاقتصادات، إذ تظل أسعار هذه السلع خاضعة لدورات اقتصادية قد تؤدي إلى ازدهار مفاجئ أو انهيار سريع.

إزاء هذا الواقع، لا بد لهذه الدول من التفكير في استراتيجيات لتعزيز التنوع الاقتصادي، والعمل على تقليل الاعتماد على قطاع التعدين. فتنمية قطاعات أخرى مثل الصناعة والخدمات قد يوفر لها حماية ضد التقلبات الحادة في أسواق المعادن العالمية، ويؤمن لها استدامة اقتصادية أفضل في المستقبل.