اقتربت الحرب على غزة من دخول عامها الثاني، وهي فترة شهدت تصعيدًا للأعمال العدائية من قوات الاحتلال ضد حزب الله في لبنان.
وكان آخر تلك الأعمال عملية سرية استهدفت تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بالجماعة إلى جانب حملة قصف نتج عنهما مئات القتلى والجرحى.
واعكست الحرب بالسلب على جيش الاحتلال الذي يشهد انخفاض في الروح المعنوية وغياب الإجازات والراحة والنقص في أعداد الجنود.
من ناحية أخرى يواجه الاقتصاد موجة انحدار غير مسبوقة منذ سنوات، إلى جانب الضغوط الشعبية الداخلية من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
وحتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة حول نية إسرائيل لشن غزو بري على جنوب لبنان، ولكن السؤال الأهم هو مدى قدرتها على خوض حرب شاملة أخرى.
تصاعد التوتر
بدأ الصراع بين حزب الله وجيش الاحتلال بضربات شنتها الجماعة اللبنانية على الأراضي المحتلة في فلسطين، احتجاجًا على العدوان على غزة منذ 8 أكتوبر الماضي.
واشترط حزب الله التوقف عن إطلاق النار في قطاع غزة كشرط أساسي لإنهاء الهجمات.
ولكن حدة التوترات ارتفعت منذ الأسبوع الماضي، عندما قام الاحتلال بعملية استهدفت تفجير آلاف من أجهزة النداء التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، ما نتج عنه مئات الإصابات والقتلى.
وبحسب الخبراء فإن الدخول في حرب شاملة مع حزب الله ليس في مصلحة إسرائيل، وستواجه تهديدت أقوى بكثير من حماس.
وأشار الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والذي خدم في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في عهد ثلاثة رؤساء وزراء، يوئيل جوزانسكي، إلى الفروقات في القوة بين حزب الله وحماس.
وقال: “حزب الله دولة داخل الدولة وتتمتع بقدرات عسكرية أكثر تطورًا”.
خلال عطلة نهاية الأسبوع ، شنت الحركة واحدة من أعمق ضرباتها على إسرائيل، حيث أفاد الجيش الإسرائيلي بوقوع إصابات في كريات بياليك وتسور شالوم وموريشيت بالقرب من مدينة حيفا الساحلية، على بعد حوالي 40 كيلومترًا جنوب الحدود.
وكان تبادل إطلاق النار على الحدود بين الأراضي المحتلة وجنوب لبنان طوال العام الماضي سببًا في إجلاء أكثر من 62 ألف شخص من منازلهم في شمال إسرائيل.
وخلال تلك الأحداث قُتل 26 مدنيا إسرائيليا و22 جنديا واحتياطيا، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
تحديات الحرب الشاملة
حال اندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل، سيواجه الاحتلال عقبات نرصد منها الآتي:
قوة العدو
تمتلك جماعة حزب الله وهي أقرب شريك إقليمي لإيران، حلفاء ووكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط ما يمنحها العمق الاستراتيجي.
وعلى الرغم من أن الاحتلال يمتلك ترسانة دفاعية قوية وأبرزها نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ، إلا أن قدرات حزب الله العسكرية تحسنت هي الأخرى.
وتُشير تقديرات المحللون العسكريون إلى أن حزب الله يمتلك بين 30 ألفًا إلى 50 ألف جندي، فيما قال زعيم الجماعة حسن نصر الله أن الحزب لديه ما يزيد عن 100 ألف مقاتل وجندي احتياطي.
ومن المعتقد أيضاً أن الحزب يمتلك ما بين 120 ألفاً و200 ألف صاروخ وقذيفة.
وتتركز أكبر أصول لجماعة العسكرية في الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والتي تقول إنها تمتلك الآلاف منها.
وتشمل الترسانة أيضًا 1500 صاروخ دقيق يبلغ مداه بين 25 و300 كيلومتر.
وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام عن حزب الله، فإن الهجمات التي شنتها الجماعة خلال الأسبوع الماضي استُخدم فيها صواريخ فادي 1 وفادي 2 بعيدة المدى لأول مرة.
وقال بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن العاصمة يركز على إيران ووكلائها، إن “وزن الرأس الحربي لهذه المقذوفات يذكرنا بـ “بركان” الثقيل (الذخيرة المحسنة بمساعدة الصواريخ) الذي قدمه حزب الله لأول مرة ضد إسرائيل في الشتاء الماضي، ولكن على مدى أطول بكثير”.
وبحسب ما نقلته شبكة “سي إن إن” فإن استخدام حزب الله لهذه الأسلحة من المرجح أن يكون إنقاذًا لماء وجهها بعد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفتها الأسبوع الماضي.
توزيع الجيش
من المعروف أن قوة إسرائيل العسكرية ليست لا نهائية وأن لها حدود، ومعنى دخولها حرب شاملة هو نقل بعض فرقها العسكرية من غزة إلى الحدود الشمالية.
ويقول الخبراء إن القتال في أكثر من جهة لن يكون بنفس القوة في كل واحدة منهم، وه ا يعني أن القتال سيتخذ منحنى مختلف.
وبحسب تصريحات وزير دفاع الاحتلال الأٍبوع الماضي، فإن مركز الثقل يتجه نحو السمال، ولذلك يتم نقل القوات والموارد والطاقة إلى هناك.
وهذا لا يعني نهاية الحرب في غزة، ولكنها محاولة للتعامل في الجبهة الشمالية وسط الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو لعودة النازحين من هذه المناطق.
ويقول محللون عسكريون تواصلت شبكة “سي إن إن ” معهم، إن الجيش الإسرائيلي يعاني نقصًا، إذ جند الجيش نحو 295 ألف جندي احتياطي في بداية الحرب في محاولة لتعزيز قوته البشرية، ولكن هذا العدد غير كافي.
وقًتل من الجيش الإسرائيلي نحو 715 جنديًا حتى الآن منذ بداية الحرب، والتي تُعتبر الأطول التي يشهدها الاحتلال منذ حرب 1948.
وقال جوزانسكي إن حزب الله وإيران يستهدفان إضعاف قوى إسرائيل تدريجيًا.
تدهور الاقتصاد
منذ بداية الحرب ويتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر ضخمة، كما عانت آلاف الشركات من تداعيات الحرب، حيث تخلى جنود الاحتياط عن حياتهم المدنية وحملوا السلاح، كما يتقلص اقتصاد البلاد بمعدلات مثيرة للقلق.
ويرى جوزانسكي إن التأثيرات التي يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي ستستمر لسنوات مقبلة، في الوقت الذي يشهد فيه الاحتلال أشد تباطؤ اقتصادي بين أبريل ويونيو وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبحسب بينات المنظمة، فإن اقتصاد الاحتلال انكمش بنسبة 4.1% في الأشهر الأولى من الحرب، واستمر بمعدل أبطأ، طوال الربعين الأول والثاني من عام 2024.
كما أثر توسع الصراع أيضا على التصنيف الائتماني لإسرائيل، مما جعل تحمل الديون أكثر تكلفة، حيث قامت العديد من وكالات التصنيف الائتماني بخفض تصنيف البلاد منذ بدء الحرب.
المصدر: CNN