سياسة

لماذا قد يكون وقف إطلاق النار في غزة صعبًا؟

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الوسطاء مستمرين في محاولة الوصول إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مضيفًا أن الأمر سيكون صعبًا.

جاء ذلك ردًا على سؤال في اجتماع قمة مجموعة السبع في إيطاليا عما إذا كان لا يزال يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

كان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قال خلال الأسبوع الماضي في قطر، إن حماس اقترحت تغييرات على المقترح الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار والذي صدق عليه مجلس الأن بالأغلبية.

وقال بلينكن إن التغييرات التي تطلبها حماس بعضها غير قابل للتنفيذ، فيما قالت حركة المقاومة إن طلباتها ليست بجديدة ولكن المسؤول الأمريكي ينظر لها بعدسة إسرائيلية.

من جانبه وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رد حماس على تلك المقترحات بـ “السلبي”، فيما تقول حماس إنها تتعامل معه بشكل إيجابي.

ومنذ أشهر يحاول الوسطاء من مصر والولايات المتحدة وقطر في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، ولكن كل طرف يتمسك بمطالب لا يقبلها الطرف الآخر.

لماذا قد يكون وقف إطلاق النار في غزة صعبًا؟
طالبت حماس بضرورة الوقف الدائم لإطلاق النار قبل إطلاق سراح الأسرى

جوهر الخلاف

وفق مسؤولين وخبراء فإن اعتراض حماس على المقترح الأمريكي الذي يأتي في 3 مراحل، هو إصرارها على وقف إطلاق النار الدائم منذ البداية وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من غزة قبل بدء تسليم الرهائن.

من جانبها تقول إسرائيل إن موافقتها على التفاوض لوقف الحرب التي دخلت شهرها التاسع الدائم مرهون بتفكيك القدرات العسكرية لحماس.

وهذه الرغبة تتعارض مع أهداف حماس التي تسعى إلى الاستمرار في السيطرة على قطاع غزة.

وتنص الخطة الأمريكية على الوقف المؤقت لإطلاق النار بهدف إنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة، إلى جانب إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين لدى حماس من المدنيين والجنود، على أن تُطلق إسرائيل في المقابل عددًا كبيرًا من المعتقلين في سجونها.

وترى الصحيفة الأمريكية أن إسرائيل سبق وقدمت تنازلات ضمن عرض سخي لإنهاء الحرب، وكان التنازل الأول هو السماح للفلسطينيين النازحين من شمال غزة بالعودة إلى منازلهم، إلى جانب تخفيض عدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم من 40 إلى 33 في المرحلة الأولى من الصفقة.

ولازال هناك نحو 100 رهينة إسرائيلية بحوزة حماس، من إجمالي 250 تم اختطافهم في السابع من أكتوبر عندما شنت حماس هجومًا على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأعلنت حماس في 6 مايو قبولها للمقترح الأمريكي، لكن اتضح فيما بعد أنها تقصد نسخة تشمل تعديلات طرحتها، ما خلق فجوة كبيرة بين الجانبين، وفق إسرائيل.

وتقول كلا من حماس وإسرائيل إن المسودة النهائية للمقترح والتي أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي وافقت عليها حماس من قبل.

وقال مسؤولون إسرائيلون إن مجلس لحرب الإسرائييل وافق على المقترح، في الوقت الذي عارض فيه أعضاء اليمين المتطرف الموافقة، وهددوا بإسقاط الحكومة حال تنفيذها.

وحتى الآن لم تعلن الحكومة الإسرائيلة بشكل رسمي موافقتها على المقترح الأمريكي، ولكن الإدارة الأمريكية تقول إن إسرائيل أبلغتها موافقتها عليه بالكامل.

وقال مسؤول حكومي إسرائيلي، رفض ذكر اسمه، لصحيفة نيويورك تايمز، إن الاقتراح مكن إسرائيل من تحقيق أهدافها الحربية.

وقال بلينكن في قطر هذا الأسبوع: “لقد قبلت إسرائيل الاقتراح كما كان وكما هو”، مضيفًا أن “حماس لم تفعل ذلك”.

لماذا قد يكون وقف إطلاق النار في غزة صعبًا؟
يقول بلينكن إن بعض تعديلات حماس على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار غير قابلة للتنفيذ

تطورات الحرب

تسعى إسرائيل الآن إلى التوصل لاتفاق بشأن إنهاء الحرب بعد أن نفذت اجتياحها لمدينة رفح الواقعة جنوبي قطاع غزة، وهو أمر عارضته أمريكا لفترة طويلة.

وتعد رفح أكبر تجمع إنساني، ونح إليها أكثر من مليون فلسطيني من شمال القطاع منذ شن العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي.

وتقول إسرائيل أن غزوها للمدينة جاء بهدف القضاء على مقاتلي حماس باعتبار رفح المعقل الأخير لهم، كما سيطرت على الممر على طول حدود غزة مع مصر، والذي تزعم أنه يُستخدم في تهريب الأسلحة إلى القطاع.

لكن حماس فاجئت إسرائيل وظهرت في مناطق بوسط غزة، اعتقدت سلطات الاحتلال أنها طهرتها من النشطاء.

وقال الخبير الفلسطيني في الأمن القومي، زكريا القاق، إن الجماعة ليس لديها حافز كبير للتسوية والتخلي عن أي دور مستقبلي بعد الحرب، خاصة عندما تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنها الفصيل الأكثر شعبية بين الفلسطينيين.

وقال إن “حماس لا تريد أن تخسر سياسيًا في حين أنها لا تزال صامدة عسكريًا”، مضيفًا أن “قدرتهم على الصمود والتحدي هي انتصارهم”.

وتقول حماس إنه على الرغم من الترويج إلى أن إسرائيل وافقت على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار، إلا أنها لم تسمع من طرف النزاع الآخر سوى التنديد بهذا المقترح وتأكيدها على مواصلة الحرب.

ولم تكتف حماس بطلب ضمانة أمريكية مكتوبة على وقف إطلاق النار الدائم ضمن الاتفاق، بل قالت إنها تريد ضمانة من روسيا والصين وتركيا إلى جانب توقيعهما على الاتفاق، وهو أمر لن تقبله إسرائيل، وفق الصحيفة الأمريكية.

لماذا قد يكون وقف إطلاق النار في غزة صعبًا؟
لا زالت حماس تمتلك نحو 100 رهينة إسرائيلية، وتواصل عائلات المختطفين الضغط على الحكومة الإسرائيلية لقبول اتفاق وقف إطلاق النار

مواقف متشددة

يأتي ذلك في ظل أسبوع متوتر عاشه كل من طرفي الصراع، بعد أن شنت إسرائيل عملية لتحرير 4 رهائن في غزة نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما أسفر عن مقتل 200 فلسطيني في الغارة التي شنتها إسرائيل في هذا الصدد.

وقال محللون إن ارتفاع عدد القتلى من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى تشديد موقف حماس التفاوضي.

وبعد أيام، قُتل أربعة جنود إسرائيليين وأصيب عدد آخر بعد أن فجر مسلحون مبنى في رفح حيث كانت تعمل القوات.

وأعلن الجناح العسكري لحركة حماس مسؤوليته عن الحادث، وقال إن مقاتلي الجماعة تمكنوا من تفجير منزل مفخخ كانت القوات الصهيونية تتحصن بداخله.

ويرى نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، شاؤول شاي، أن الضغوط التي تمارس على حماس، سواء من جانب إسرائيل أو عسكريا أو من الخارج، ليست كافية.

المصدر: نيويورك تايمز