حذرت مصر من دعوات بعض مسؤولي الاحتلال الإٍسرائيلي، للفارين من قصف غزة بالتوجه إلى مصر وتحديدًا سيناء.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر أمنية رفيعة المستوى – لم تسمها – أن هناك مخططًا واضحًا من سلطات الاحتلال، الغرض منه تفريغ قطاع غزة من سكانه، من خلال ترهيبهم بالاختيار بين الموت أو النزوح.
وقالت المصادر إن الاحتلال يحاول إحياء أطروحات قديمة بشأن توطين أهالي غزة في سيناء، لطالما سعى لطرحها على مدار عقود ماضية، تزامنًا مع التصعيدات الأخيرة في القطاع على خلفية القصف المتبادل بين حركة حماس وقوات الاحتلال.
بداية مشروع التوطين
منذ عام 1949، وتحديدًا بعد توقيع اتفاق الهدنة بين مصر وقادة الاحتلال الإسرائيلي في فبراير من نفس العام أصبح قطاع غزة تحت سلطة الحاكم الإداري المصري.
ووقتها بدأ الحديث عن مشروع توطين سكان غزة في سيناء – الذي وصل عددهم إلى أكثر من 280 ألف نسمة بما فيهم اللاجئين الذين نزحوا إلى غزة والمدن المجاورة لها – في الظهور إلى النور.
وشهد عام 1953 مفاوضات مصرية مع وكالة الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” حول هذا المشروع والتي انتهت بالموافقة عليه، متخطيًا عقبات مثل عدم كفاية المياه في سيناء من خلال نقل المياه العذبة عبر قنوات فرعية تمر أسفل قناة السويس.
ومع بداية التلميحات له، خرجت من غزة تظاهرات حاشدة ضد مشروع التوطين في مارس 1955 عُرفت باسم”انتفاضة مارس”، والتي شارك فيها أطياف عدة من الشعب الفلسطيني.
ورددت التظاهرات هتافات “كتبوا مشروع سيناء بالحبر، وسنمحوه بالدم”، و “لا للاستيطان”.
ماذا حدث بعد ذلك؟
ظلت التظاهرات بنفس قوتها لمدة أيام، حتى تم اختيار ممثل عن كل قطاع باسم “اللجنة الوطنية العليا” للتفاوض مع مدير المباحث في القطاع سعد حمزة.
وتمثلت أبرز مطالب ممثلي القطاعات في غزة في إعلان إلغاء مشروع التوطين في وسائل الإعلام المصرية، وتسليح اللاجئين في المخيمات للدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال، وإطلاق الحريات العامة.
وفي حين أن هذه التحركات قوبلت في البداية بالرفض من قبل الحاكم المصري للقطاع آنذاك، إلا أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تبنى مطالب الانتفاضة إلى حد كبير لاحقا.
وفي أغسطس 1955، أوقفت الحكومة المصرية مشروع سيناء مؤقتًا، معللة ذلك بأسباب فنية لها علاقة بصعوبة توفير المياه المنقولة إلى سيناء.
وبحسب ما تذكره أوراق مدير الأونروا، هنري لابويس، من عام 1954 حتى عام 1958، أكد ناصر بأنه يعتقد أن اللاجئين الفلسطينيين أصبحوا “قوة مؤثرة وسوف يقررون مستقبلهم”، وأن أي تسوية سياسية شاملة ستكون مستحيلة دون معالجة مطالبهم.
إدراك جمعي فلسطيني
كان الوعي الفلسطيني الجمعي على الرغم من التشتت الذي عانى منه الشعب بسبب النزوح، هو المحرك الأساسي لرفض مخطط توطينهم في سيناء وسلبهم حق العودة إلى منازلهم مرة أخرى.
ورأى الفلسطينيون أن طبيعة سيناء ذات درجات الحرارة المرتفعة والأراضي الصحراوية لن تكون مناسبة لإقامة وطن، فالتهجير لن يقضي فقط على قضيتهم السياسية ولكن أيضًا على حياتهم بشكل عام.
وبدأ المحللون السياسيون وغيرهم في الربط بين سعي الأنروا إلى تنفيذ مخطط التوطين وبين الغارات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة والضفة الغربية، لنقل الفلسطينيين بعيدًا عن مركز الصراع.
وأثبت الفلسطينيون من خلال انتفاضة مارس وجودهم كمواطنين لهم حقوق، وليسوا مجرد لاجئين عاطلين يحتاجون إلى إعادة التوطين أو المساعدة الاقتصادية.
وبحلول نهاية عام 1955، أجبرت المقاومة الفلسطينية المستمرة لإعادة التوطين الأونروا على التخلي عن مخططها، والتركيز بدلًا من ذلك على مبادرات التدريب المهني وتكثيف جهودها في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة.
أنتوني برات.. من هو ملياردير “الأسرار النووية” في قضية ترامب؟
بعد الاستدعاء غير المسبوق في صفوف الجيش.. هل تشن إسرائيل حرب برية على قطاع غزة؟
من هو “عز الدين القسام” الذي تحمل إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية اسمه؟