علوم

هل يتفاعل النساء والرجال بنفس الطريقة مع الإجهاد والتوتر؟

جائحة كورونا 2020

هل تتذكر الأيام الأولى لجائحة كورونا 2020؟ عندما تم إغلاق الشركات والمطاعم ودور السينما والمسارح، وقلت لقاءات الأصدقاء والعائلة، وكان على الأطفال التكيف مع التعلم من غرف نومهم، وكان السفر غير وارد، وفي الوقت الحاضر، يبدو أن الكثيرين قد تجاوزوا تلك الأوقات الصعبة، ومع ذلك، فإن التدابير المطبقة لمكافحة الفيروس وضعت بلا شك ضغوطًا هائلة على الكثيرين، سواء عبر مخاوف بشأن الأمن الوظيفي، والقلق بشأن أفراد الأسرة المرضى، والتوتر الناتج عن الموازنة بين العمل من المنزل والتعليم المنزلي، وكل هذا لم يحدث دون أن يخلف آثارًا نفسية على الأشخاص حول العالم، كما تظهر العديد من الدراسات.

العامل الحاسم هو القلق

كيف وإلى أي مدى أثرت هذه التجارب على الصحة العقلية ونوعية الحياة للنساء والرجال في السنة الأولى لجائحة كوفيد-19 ؟ اهتم فريق من جامعة ومستشفى جامعة فورتسبورغ، بفكرة الفرق بين الرجال والنساء في التعامل مع الإجهاد والتوتر.

أظهرت نتائج الدراسات التي أجرها فريق جامعة فورتسبورغ، اختلافات واضحة بين الجنسين، إذ يقول جريت هاين أستاذ علم الأعصاب الاجتماعي وعلم النفس الجسدي أن القلق يزداد عند الرجال بشأن الوظيفة، وهو تأثير لا يظهر عند النساء، ومن ناحية أخرى، فإن مستويات القلق لدى النساء  تتزايد بالتوازي مع زيادة مخاوفهن بشأن الأسرة والأصدقاء” بالإضافة إلى ذلك، تظهر الدراسة أن النساء في مثل هذه الأوقات يستجيبن بشكل إيجابي للدعم من الأصدقاء والعائلة، ولكن عند الرجال، لم تظهر هذه الظاهرة نفسها.

وكانت البيانات المتعلقة بتأثير الجنس غير متوفرة

قادت جريت هاين، هي وباحث ما بعد الدكتوراه مارتن فايس هذه الدراسة، والتي نُشرت نتائجها الآن في مجلة التقارير العلمية  وقد أوضحت أنه “في الماضي، بحثت العديد من الدراسات في تأثير العوامل النفسية والاجتماعية مثل الدعم من الأصدقاء والزملاء والمخاوف المالية والمهنية أو الشخصية على الصحة العقلية ونوعية الحياة، ومع ذلك، لا توجد بيانات حول ما إذا كانت هذه الارتباطات هي نفسها بالنسبة للرجال والنساء” ومن خلال توسيع الدراسات السابقة، قام فريق بحث فورتسبورغ الآن بدراسة تأثير هذه العوامل فيما يتعلق بالجنس.

استطلاع رأي

تم اختيارهم عشوائيًا من عامة سكان فورتسبورغ، وركزت في الأصل على تطور أمراض القلب والأوعية الدموية خلال جائحة كوفيد-19، ثم تم توسيع البرنامج تلقائيًا ليشمل الآثار النفسية الاجتماعية للوباء والإغلاق والآثار الجانبية الأخرى.

وشارك في الاستطلاع ما مجموعه 2890 شخصًا (1520 امرأة و1370 رجلاً)، والذين وتراوحت أعمارهم بين 34 و85 عاماً، بمتوسط ​​60 عاماً، وفي الفترة بين يونيو وأكتوبر 2020، كان عليهم ملء استبيان شامل حول صحتهم العقلية، ومن بين أمور أخرى، طُلب منهم تقديم معلومات حول مدى شعورهم بدعم بيئتهم الاجتماعية، وزملائهم ورؤسائهم، وما إذا كان لديهم شخص يمكنهم مناقشة مشاكلهم معه، وسُئلوا أيضًا عن مدى ثقل الحظر المفروض على الاتصال بالآباء والأجداد، ومدى الضغط الذي يشعرون به في العمل أو المدرسة، وكانت المشاكل المالية أو المخاوف بشأنها موضوع مزيد من الأسئلة.

نتائج الدراسة

لم تكن جريت هاين ومارتن فايس متفاجئين بالنتائج، إذ توضح هاين: “إن ملاحظة أن الرجال يرتبطون بقوة أكبر بالعمل والنساء بقوة أكبر بالعائلة والأصدقاء يمكن إرجاعها إلى المعايير والأدوار التقليدية للجنسين”. ومن ثم، عادة ما يشعر الرجال أكثر بالتأثر بانعدام الأمن الوظيفي والبطالة، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط النفسي، ومن ناحية أخرى، تعاني النساء من مزيد من التوتر عندما يشعرن بأنهن يهملن أسرهن.

ومن المعقول أيضًا أن تتأقلم النساء نفسيًا بشكل أفضل عندما يتلقين الدعم من الأصدقاء والعائلة: “وهذا يتماشى مع الدور العائلي التقليدي للأنثى، والذي يتضمن ميلًا أقوى للحفاظ على اتصالات اجتماعية وثيقة والسعي للحصول على الدعم الاجتماعي من أجل الحد من التوتر”.

وعلى الرغم من أن هذه النتائج لا لبس فيها، إلا أن قادة الدراسة يشيرون إلى عدد من القيود، وأهمها أن “نظرًا لأن جائحة كوفيد-19 قدمت سياقًا محددًا للغاية، فلا يزال يتعين توضيح ما إذا كانت نتائجنا قابلة للتحويل إلى مواقف عامة مستقلة عن الوباء”. ومع ذلك، هناك نتيجة واحدة لا جدال فيها بحسب ما أوضحوا وهي “نتائجنا تؤكد الحاجة إلى النظر في الجوانب الاجتماعية في التدخلات العلاجية من أجل تحسين الصحة العقلية للنساء والرجال”.

اقرأ أيضاً:

النساء يرغبن في تناول الشوكولاتة في أوقات معينة من الشهر.. لماذا؟

النساء في الحرب.. يد تداوي وأحيانًا تُقاتل

النساء في الفضاء.. ما نصيب كل دولة؟