logo alelm
ست عبارات «سحرية» تغيّر طريقة استماع الأطفال لآبائهم

من يربّي يعرف أن السؤال الأصعب ليس كيف نجعل أبناءنا يطيعون، بل كيف نُبقي على خيط الحوار مفتوحًا معهم.

فالأوامر والصراخ قد تُحقق استجابة لحظية، لكنها تترك وراءها جدارًا من المقاومة والخوف. والمفارقة أن الاستماع الحقيقي من الأطفال يبدأ من حيث لا يتوقع كثير من الآباء؛ من شعورهم بالأمان والاحترام.

لماذا لا ينفع الصراخ؟

يبدو المشهد مألوفًا في بيوت كثيرة، عندما يرفض طفل ترتيب ألعابه، أو أب يرفع صوته آمرًا، ثم ينتهي الموقف إما بانفجار غضب أو استسلام مؤقت. غير أن الباحثة والكاتبة ريم رودا، التي درست أكثر من 200 علاقة بين الآباء والأبناء، تذهب إلى أن «الطاعة القسرية» ليست طريقًا لبناء علاقة طويلة الأمد. فالأطفال، مثل الكبار، يصغون حين يشعرون أنهم مسموعون، لا حين يُؤمرون.

يأتي هذا الطرح في وقت تتزايد فيه نقاشات علم النفس التربوي حول مفهوم «الأمان العاطفي»، أي أن يعرف الطفل أنّ خطأه لا يهدد حب والديه له، وأن مشاعره لا تُقابل بالسخرية أو التشكيك.

ما العبارات التي تغيّر المعادلة؟

تقول رودا إن هناك ست جُمل بسيطة، لكنها قادرة على تهدئة الجهاز العصبي للطفل وفتح باب التعاون الطوعي:

«أنا أصدقك»

حين يشكك الأب أو الأم في صدق الطفل، يدخل الأخير في حالة دفاعية. لكن الاعتراف بمشاعره يُخفف من شعوره بالعار. المثال واضح: طفل يصرخ «لم أسكب العصير عمدًا»، والرد بهدوء «أنا أصدقك، فلننظفه معًا» يحول الموقف من اتهام إلى مشاركة.

«دعنا نحلها معًا»

تُغلق الأوامر الباب أمام التعاون، فيما يفتح اقتراح المشاركة نافذة للحل. بدلًا من معركة حول ترتيب الألعاب، يتحول الحوار إلى «ما الخطوة الأولى التي يمكننا القيام بها؟». الطفل هنا لا ينفذ فقط، بل يشارك في صناعة القرار.

«يمكنك أن تشعر بهذا، أنا بجوارك»

عندما ينهار طفل صغير لأن برجه من المكعبات سقط، فإن جملة مثل «توقف عن البكاء» لا تجدي. على العكس، الاعتراف بالمشاعر وطمأنته بالحضور الجسدي والعاطفي يُعيد تنظيم انفعالاته.

«أنا أستمع.. قل لي ما الذي يحدث»

الاستماع شرطٌ مُسبق قبل أن نطلب من الطفل أن يستمع. حين يقول أحدهم «لن ألعب مع أخي مجددًا»، فإن السؤال المفتوح يكشف الغضب العميق خلف العبارة. من هنا يبدأ الإصلاح، لا من الأمر بالاعتذار.

«أسمعك.. وأنا في صفك»

في أوقات كثيرة، يشعر الطفل أن والديه خصمان له. لكن هذه العبارة تغيّر موقع الأهل من «الطرف المقابل» إلى «الحليف». عندها يصبح النقاش حول الواجبات المدرسية مثلًا فرصة لإيجاد طريقة أسهل، لا ساحة صراع.

«أنا معك مهما حدث»

أكبر هواجس الأطفال أن الخطأ يُفقدهم الحب. حين يطمئن الطفل أن والديه بجانبه حتى بعد ارتكاب خطأ جسيم، يتحول الدرس من خوف إلى مسؤولية. عبارة مثل «سنعالج الأمر معًا» تُعلّم الطفل أن المحاسبة لا تعني التخلي.

ما وراء الكلمات؟

تكشف هذه العبارات أن التربية ليست معركة أوامـر، بل مسار طويل لبناء ثقة متبادلة. فهي لا تُلغي الحدود، بل تجعلها أكثر قابلية للفهم. وهنا تكمن المفارقة، كلما قلّت الحاجة إلى الصراخ، زادت فرص التزام الطفل بالاتفاقات.

بحسب تقرير «الجمعية الأمريكية لعلم النفس» لعام 2023، فإن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة تتبنى أسلوب «الاستماع الفعّال» تقل لديهم سلوكيات التمرد بنسبة 40% مقارنة بأقرانهم الذين يُربّون بأسلوب سلطوي صارم.

كما تشير دراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2022 إلى أن «التواصل القائم على التعاطف» لا يُعزز فقط التفاهم داخل الأسرة، بل ينعكس أيضًا على الأداء الدراسي والصحة النفسية للأطفال.

وتقول الباحثة رودا، إن الكلمات لن تُجدي إذا كان النمط السائد هو التهديد أو الإهمال. فهذه «العبارات السحرية» تُثمر فقط حين تكون جزءًا من نمط يومي يحمي كرامة الطفل ويمنحه الشعور بالأمان. عندها، يصبح الاستماع نتيجة طبيعية لا معركة متكررة.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

هل تضر الأشعة السينية تضر الركبة أكثر مما تنفع؟

المقالة التالية

بعد اغتيال وزرائها.. كيف سترد جماعة الحوثي على الضربة الإسرائيلية؟