يونيو ١٩, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
كم من الوقت سيستغرق انقراض البشر إذا توقفوا عن الإنجاب؟

تخيل عالمًا يخلو من صرخات المواليد، ومدارس بلا طلاب، ومدن تذبل ببطء مع كل جيل يرحل دون أن يُخلف أثرًا.. هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي، بل سيناريو محتمل إذا توقف الناس عن الإنجاب ينتهي بانقراض البشر. 

في هذا التقرير، نستعرض رحلة افتراضية نحو نهاية البشرية، ونستكشف كيف يمكن أن ينهار كل شيء -من الاقتصاد إلى الحضارة- فقط بسبب غياب الأطفال.

ماذا سيحدث للسكان؟

بما أن معظم البشر يعيشون أكثر من مئة عام، فإن توقف البشر المفاجئ عن الإنجاب يعني أن عددهم سينخفض تدريجيًا خلال هذا القرن، ويصبح هناك نقص حاد في فئة الشباب التي تنهض بالأعمال الحيوية، ما سيؤدي إلى تفكك المجتمعات العالمية، ستتأثر الزراعة والرعاية الصحية والصناعات الأساسية، ما يعجّل بانقراض البشر.

قد يظن البعض أن قلة البشر ستجعل الموارد أوفر، لكن العكس هو ما سيحدث، فمع نقص الأيدي العاملة، ستتراجع القدرة على إنتاج الغذاء وتوزيعه، ما سيؤدي إلى ندرة في الإمدادات، رغم انخفاض عدد من يحتاجون إليها.

يقول مايكل ليتل الأستاذ في علم الإنسان: “في النهاية، ستنهار الحضارة، ومن المرجح ألا يتبقى كثير من البشر خلال 70 أو 80 عامًا، لا 100، بسبب نقص الغذاء، والمياه النظيفة، والأدوية، وغيرها من المستلزمات الضرورية للبقاء على قيد الحياة”.

عدم الإنجاب قد ينجم عن كارثة

من غير المحتمل أن يتوقف الإنجاب فجأة إلا إذا وقعت كارثة عالمية، مثل التي تناولها الكاتب كورت فونيغوت في رواية “جالاباجوس”، حيث ينتشر مرض معدٍ يجعل جميع البالغين عاجزين عن الإنجاب.

أو السيناريوهات التي تناولتها العديد من الأفلام وروايات الرعب حول اندلاع حرب نووية لا ينجو منها أحد.

كثير من تلك الأعمال تنتمي إلى أدب الخيال العلمي، في المقابل، يتنبأ بعضها بمستقبل واقعي قاتم على الأرض، يفقد فيه الناس القدرة على الإنجاب، ما يؤدي إلى اليأس الجماعي وفقدان الحريات الشخصية لدى من لا يزال بإمكانهم الإنجاب.

القلق من الانفجار السكاني

في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان القلق يدور حول العكس تمامًا: تزايد عدد السكان إلى درجة تهدد التوازن البيئي والاقتصادي. وهذه المخاوف بدورها تحولت إلى أعمال أدبية وسينمائية تستعرض كوارث محتملة.

ورغم تباطؤ النمو السكاني، لا يزال عدد سكان العالم في تزايد. ويتوقع الخبراء أن يبلغ العدد ذروته عند 10 مليارات نسمة في ثمانينيات القرن الحالي، مقارنة بـ8 مليارات اليوم، و4 مليارات فقط عام 1974.

في الولايات المتحدة، يبلغ عدد السكان حاليًا نحو 342 مليون نسمة، أي بزيادة 200 مليون عن عددهم في ثلاثينيات القرن الماضي.

في عام 2024، وُلد نحو 3.6 مليون طفل، مقارنة بـ4.1 مليون عام 2004. وفي المقابل، توفي 3.3 مليون شخص في 2022، بعد أن كان الرقم 2.4 مليون قبل 20 عامًا.

أهمية التوازن بين الشباب وكبار السن

مع تغير أنماط الإنجاب والوفاة، يصبح التوازن بين الفئات العمرية أمرًا حيويًا؛ فالشباب هم المحرك الأساسي للمجتمعات، وهم من يدفع عجلة الابتكار والإنتاج. وفي المقابل، يعتمد كبار السن في كثير من احتياجاتهم على دعم الأجيال الشابة، ما يجعل الحفاظ على هذا التوازن أمرًا مصيريًا.

في عدد من الدول، أبرزها الهند وكوريا الجنوبية، أصبحت النساء ينجبن عددًا أقل من الأطفال طوال حياتهن. ويُعزى ذلك في الغالب إلى خيارات شخصية بعدم الإنجاب أو الاكتفاء بعدد أقل من الأطفال مقارنة بالأجيال السابقة.

ويرجع هذا التراجع في الإنجاب إلى اختيارات شخصية، حيث يقرر كثير من الناس عدم الإنجاب أو الاكتفاء بعدد أقل من الأطفال مقارنةً بآبائهم.

ويمكن تعويض هذا التراجع السكاني من خلال الهجرة، لكن العقبات الثقافية والسياسية غالبًا ما تحول دون ذلك.

في الوقت ذاته، يُواجه العديد من الرجال مشاكل في الخصوبة، ما قد يزيد صعوبة الإنجاب ويساهم في تراجع حاد في عدد السكان.

انقراض إنسان النياندرتال

الإنسان العاقل (Homo sapiens) موجود على الأرض منذ أكثر من 200 ألف عام، لكنه ليس بمنأى عن الانقراض. خذ على سبيل المثال النياندرتال، وهم أقرباؤنا من البشر الأوائل، الذين ظهروا قبل 400 ألف عام، وانقرضوا قبل حوالي 40 ألف سنة.

تشير الأدلة إلى أن الإنسان العاقل تفوّق على النياندرتال في تأمين الغذاء والتكاثر، ما ساهم في بقائه وتفوقه. القدرة على البقاء ليست فقط بالذكاء، بل بالنجاح في ضمان استمرار النوع.

إذا ما انقرض البشر، فقد تجد كائنات أخرى فرصة للازدهار على هذا الكوكب. لكن غياب الإنسان سيعني أيضًا خسارة كل الإنجازات العظيمة التي حققها في مجالات الفن والعلم والثقافة. 

يقول مايكل ليتل: “علينا أن نتخذ خطوات جادة لضمان مستقبل طويل الأمد على كوكب الأرض،

بما في ذلك: “السيطرة على تغير المناخ، تجنب الحروب، والحفاظ على تنوع الكائنات الحية، لأن التنوع الحيوي هو مفتاح صحة الكوكب وكل من يعيش عليه، بما فيهم نحن”.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

التاريخ يلاحق الحاضر.. الانقلاب الأمريكي أطاح بنظام إيراني سابق

المقالة التالية

دراسة ألمانية تحذّر: سعال طفلك قد يخفي وراءه مرضًا خطيرًا