logo alelm
الكارثة E.T.. قصة أسوأ لعبة في التاريخ

تُعد لعبة “E.T. the Extra-Terrestrial” التي أصدرتها شركة “أتاري” عام 1982، واحدة من أشهر الألعاب الرقمية، حيث ارتبط اسمها بلقب أسوأ لعبة في التاريخ، وتحولت إلى أسطورة عن كارثة تجارية أدت إلى دفن ملايين النسخ منها في الصحراء، وكادت أن تقضي على هذه الصناعة بأكملها في الثمانينيات، لكن خلف هذه السمعة السيئة، تكمن قصة أكثر تعقيدًا عن الفشل، لا تتعلق فقط بتصميم سيئ، بل بسلسلة من القرارات الإدارية الكارثية والغرور الذي هيمن على مؤسسة كانت في قمة مجدها.

من سباق مع الزمن إلى أسوأ لعبة في التاريخ

بدأت القصة في ذروة نجاح شركة “أتاري”، التي كانت تهيمن على سوق ألعاب الفيديو المنزلي، بالتزامن مع النجاح الساحق للفيلم السينمائي “إي تي” للمخرج ستيفن سبيلبرغ.

وفي محاولة للاستفادة من شعبية الفيلم الهائلة، دفعت أتاري ما بين 20 إلى 25 مليون دولار للحصول على حقوق تحويله إلى لعبة فيديو، وهو مبلغ فلكي في ذلك الوقت، حيث كانت الشركة على يقين بأن هذا الاستثمار سيحقق أرباحًا خيالية، خاصة مع اقتراب موسم أعياد الميلاد في الغرب.

أُسندت الشركة مهمة تطوير اللعبة إلى المبرمج في الشركة، هوارد سكوت وارشو، الذي حقق نجاحات باهرة في ألعاب سابقة مثل “Yars’ Revenge”، وكان أول من نجح في تحويل فيلم إلى لعبة فيديو مع “Raiders of the Lost Ark”.

طلب سبيلبرغ بنفسه أن يتولى وارشو هذه المهمة، لكن المفاوضات الطويلة بين أتاري وسبيلبرغ لم تنتهِ إلا في نهاية شهر يوليو من عام 1982، وهنا بدأت الكارثة تتشكل، فمن أجل طرح اللعبة في الأسواق بحلول موسم الأعياد، لم يُمنح وارشو سوى 5 أسابيع فقط لتصميم وبرمجة اللعبة بالكامل من الصفر.

وتحت ضغط هائل من الإدارة، وثقة زائدة بالنفس وصفها لاحقًا بـ “الغطرسة”، قبل وارشو التحدي، ورغم أن سبيلبرغ اقترح عليه تصميم لعبة بسيطة تشبه “باك مان”، أصر وارشو على ابتكار عالم معقد وطموح، في محاولة منه لتقديم شيء ثوري، وهي المغامرة التي أنتجت ما يعتبره الكثيرون أسوأ لعبة في التاريخ.

نتج عن هذا السباق المحموم مع الزمن لعبة محبطة ومربكة للاعبين، فعلى عكس الألعاب الأخرى، كانت “إي تي” تفتقر إلى الوضوح في طريقة اللعب، حيث يجد اللاعب نفسه يسقط بشكل متكرر في حفر لا نهاية لها، ويدور في عالم يعيد نفسه دون تفسير، مما يخلق شعورًا بـ”الضياع” بدلًا من “التحدي”.

ولخص وارشو نفسه المشكلة لاحقًا بالقول: “من المقبول أن تُحبط اللاعب، فهذا جزء من متعة الألعاب، ولكن يجب ألا تشعره أبدًا بالارتباك والضياع”، وهو بالضبط ما فعلته اللعبة التي استحقت لقب أسوأ لعبة في التاريخ.

فشل إداري وانهيار صناعة بأكملها

لم يقتصر فشل اللعبة على تصميمها المتعجل، بل تجاوزه إلى سوء تخطيط كارثي من قبل إدارة “أتاري”، فبسبب ثقتها المفرطة بنجاح الفيلم، أنتجت الشركة 5 ملايين نسخة من اللعبة، وهو رقم تجاوز عدد أجهزة “أتاري 2600” التي بيعت في ذلك الوقت، على أمل أن تدفع اللعبة الناس لشراء الجهاز نفسه.

كان هذا القرار مثالًا صارخًا على سوء إدارة المخزون وتجاهل أبسط قواعد التخطيط في سلاسل الإمداد، وهو ما حول اللعبة إلى رمز لأسوأ لعبة في التاريخ على المستوى التجاري.

وبالفعل، كانت النتائج كارثية، فمن بين الخمسة ملايين نسخة، لم تبع الشركة سوى 1.5 مليون نسخة فقط، وسرعان ما بدأت المتاجر في إعادة ملايين النسخ غير المباعة إلى أتاري، التي وجدت نفسها غارقة في مخزون لا قيمة له.

ومع تراكم الخسائر، انتشرت شائعات بأن أتاري قررت التخلص من هذه النسخ بدفنها في مكب نفايات في صحراء نيو مكسيكو، لتصبح هذه الحادثة أسطورة خالدة في عالم الألعاب.

وبلغت هذه الأسطورة ذروتها في عام 2014 عندما كشف فيلم وثائقي بعنوان “Atari: Game Over” عن عملية حفر في الموقع المزعوم، حيث تم العثور بالفعل على مئات الآلاف من الألعاب المدفونة، لكن المفاجأة كانت أن نسخ لعبة “إي تي” لم تشكل سوى 10% فقط من إجمالي ما تم العثور عليه، والباقي كان لألعاب أخرى، بعضها من أكثر ألعاب “أتاري” نجاحًا.

أثبت هذا الاكتشاف أن المشكلة لم تكن في لعبة واحدة، بل في سياسة الإنتاج المفرط التي اتبعتها الشركة، مما يضع سمعة أسوأ لعبة في التاريخ في سياق أوسع من الفشل الإداري الشامل.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| سمير حليلة.. من هو المرشح لحكم قطاع غزة؟

المقالة التالية

اعتقال زوجة رئيس كوريا الجنوبية السابق.. لماذا؟