مع دخول الشتاء واشتداد برودته، يلاحظ كثيرون أنهم يشعرون بالبرد بسرعة أكبر من المحيطين بهم، رغم ارتداء الملابس ذاتها. ويؤكد الخبراء أن الإحساس بالبرودة يختلف بين الأشخاص تبعًا لعوامل فسيولوجية وشكلية وجينية.
وتشير الدراسات إلى أن القدرة على استشعار التغيرات الحرارية تعد جزءًا أساسيًا من آليات البقاء لدى الإنسان؛ فارتفاع الحرارة قد يعرضه لضربة الشمس، بينما يؤدي انخفاضها إلى خطر انخفاض حرارة الجسم. وتعتمد هذه الآليات على شبكة من الأعصاب في الجلد ترسل إشارات مباشرة إلى الدماغ عند تبدل درجات الحرارة.
وعند انخفاض الحرارة، يصدر الدماغ أوامر بانقباض الأوعية الدموية في الجلد للحد من تدفق الدم، ما يساعد على الحفاظ على حرارة الجسم الأساسية. وتُعد برودة الأصابع والأطراف أولى العلامات التي يشعر بها معظم الناس، إضافة إلى الارتجاف الذي يعمل على توليد حرارة إضافية عبر انقباض العضلات.
الاختلاف في الشعور بالبرودة
يرتبط اختلاف استجابة الأفراد للبرد بعدد من العوامل، أبرزها شكل الجسم. فكلما زادت مساحة سطح الجسم، زاد فقدان الحرارة. كما تلعب الدهون تحت الجلد دورًا مباشرًا في العزل الحراري؛ فالأشخاص الذين يملكون طبقات أكبر من هذه الدهون يتمتعون بقدرة أعلى على مقاومة البرد.
كما يؤثر الجنس والعمر على الإحساس بالبرودة؛ فالنساء غالبًا يعانين من برودة الأطراف أكثر من الرجال بسبب زيادة انقباض الأوعية الدموية في الأصابع. وتبيّن أبحاث تشمل توائم أن قابلية الإصابة ببرودة الأطراف قد تكون لها جذور وراثية. كما تتغير حساسية النساء للبرد وفقًا للدورة الشهرية، بينما يقلل هرمون التستوستيرون لدى الرجال من حساسية مستقبلات البرد في الجلد.
وتظهر مشكلة إضافية لدى مرضى رينود، وهو اضطراب يجعل الأصابع شديدة البرودة عند انخفاض الحرارة، ويصيب النساء بنسبة أكبر. كما تبدأ قدرة الجسم على الإحساس بالبرد والحفاظ على الحرارة في التراجع بعد سن الستين، ما يجعل كبار السن أكثر عرضة للبرودة وبطء الاستجابة للتدفئة.
التأقلم مع البرد
يشير الباحثون إلى أن التعرض المتكرر للبرد يساهم في تعزيز قدرة الجسم على التكيف، باستثناء المصابين برينود. فالسكان في المناطق الباردة يتميزون بانخفاض استجابتهم للارتجاف وتقليل انقباض الأوعية رغم تعرضهم للظروف ذاتها. ويؤكد العلماء أن هناك ثلاثة أنماط أساسية لتكيف الجسم مع البرد وهي: تقليل فقدان الحرارة، زيادة إنتاج الحرارة الأيضية، أو تخفيف حدة الاستجابة للبرد. إلا أن العديد من الجوانب الدقيقة لكيفية تفاعل الجسم مع الانخفاض المستمر في الحرارة ما زالت تحتاج إلى مزيد من البحث.
وفي النهاية، ينصح الخبراء من يشعرون بالبرد سريعًا بمحاولة قضاء وقت أطول في الهواء الطلق لتعزيز تحملهم للانخفاض الحراري، أو ببساطة الاعتماد على الملابس المناسبة والطبقات الدافئة للحفاظ على حرارة الجسم خلال أشهر الشتاء.
اقرأ أيضًا:
كيف تحمي نفسك من نزلات البرد والإنفلونزا هذا الشتاء؟
حمامات الثلج: بين فوائد التعافي ومخاطر البرودة
هل تتحول متحوّرات كوفيد-19 إلى شبح جديد مع قدوم الشتاء؟














