logo alelm
هل تتحول متحوّرات كوفيد-19 إلى شبح جديد مع قدوم الشتاء؟

منذ أربع سنوات غيّر فيروس كورونا حياتنا جذريًا، لكنه لم يتوقف عن التبدّل والظهور بأشكال جديدة.

وبينما اعتاد العالم على أسماء مثل «ألفا» و«دلتا» و«أوميكرون»، برزت اليوم تسميات أكثر غرابة: «سترَاتوس» و«نيمبوس»، حيث ترتفع أعداد الإصابات مجددًا في دول مثل بريطانيا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، بينما سجّلت بيانات «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» (CDC) في الولايات المتحدة ارتفاعًا ملحوظًا في أغسطس الماضي، قبل أن تعود الحالات إلى الانخفاض تدريجيًا. ويُرجّح الخبراء أن يكون المتحوّران «سترَاتوس» (XFG) و«نيمبوس» (NB.1.8.1) وراء هذه الموجة.

هذه المتحوّرات ليست سلالة جديدة بالكامل، بل فروع من «أوميكرون»، ولهذا لم نسمع حرفًا يونانيًا جديدًا منذ فترة. يبدو الفيروس وكأنه يحافظ على جذوره الأصلية، لكنّه يتلوّن بخصائص صغيرة كافية لإرباك المناعة وإطالة عمر الجائحة.

لماذا لم يظهر اسم يوناني جديد؟

ظهر «أوميكرون» لأول مرة في نوفمبر 2021، ولم تمضِ أسابيع حتى أصبح السلالة المسيطرة عالميًا. لكنّ ما تلاه لم يكن قفزة إلى متحوّر مختلف، بل سلسلة طويلة من «الأبناء» و«الأحفاد». بعضهم اندمج مع الآخر ليولّد تركيبات جديدة، كلها تحت مظلة العائلة نفسها.

هذه الظاهرة تحمل دلالتين، الأول أن الفيروس يتطوّر باستمرار، والثانية أنه لم يجد حتى الآن «قفزة نوعية» تجعله سلالة مختلفة كليًا. وهو ما يفسّر بقاء أوميكرون مظلة واسعة تضم عشرات المتحوّرات الصغيرة.

هل السلالة الجديدة أخطر من سابقاتها؟

يميل العلماء إلى التأكيد أنّ متحوّرات أوميكرون، بما فيها «سترَاتوس» و«نيمبوس»، أقل شراسة من سابقيها مثل «دلتا». لكنها تملك مهارة أكبر في الانتشار والتسلّل عبر المناعة المكتسبة سواء من اللقاح أو العدوى السابقة. وهنا تكمن المفارقة: الفيروس صار أضعف في شدّته، لكنه أذكى في انتشاره.

الأعراض تظل مألوفة: سعال، احتقان، التهاب حلق، صداع، تعب، وأحيانًا حمى. ومع نيمبوس اشتهرت حالة «الحلق الشبيه بشفرة الحلاقة»، بينما ارتبط ستراتوس ببحة في الصوت. يظل التفريق بينها وبين نزلات البرد أو الإنفلونزا أو حتى الحساسية الموسمية مهمة صعبة، خصوصًا في مواسم الخريف والشتاء.

كيف يمكن مواجهة هذه المتحوّرات؟

توصي «وكالة الأمن الصحي البريطانية» بجملة إجراءات بسيطة لكنها حاسمة:

  • ارتداء كمامة جيدة عند ظهور أعراض.

  • تجنّب الأماكن المزدحمة سيئة التهوية.

  • ممارسة الرياضة في الهواء الطلق.

  • غسل اليدين وتغطية الفم عند السعال أو العطس.

الأهم يبقى اللقاح. تشير بيانات «CDC» إلى أن التطعيم يقلل من خطر الحالات الشديدة ويدعم الحماية ضد متلازمة «كوفيد الطويل». لكن خريطة اللقاحات تختلف من بلد إلى آخر، ففي الولايات المتحدة، يُوصى بلقاح 2024-2025 لجميع البالغين بدءًا من 18 عامًا، بينما يُنصح الآباء بمراجعة الأطباء قبل تطعيم الأطفال.

في كندا، التوصية مفتوحة للجميع من عمر 6 أشهر فما فوق، مع أولوية للفئات الأكثر هشاشة.

وفي بريطانيا، يقتصر اللقاح على من تجاوزوا 75 عامًا أو يقيمون في دور رعاية أو لديهم ضعف مناعي.

هذا التفاوت يعكس اختلاف السياسات الصحية، لكنه يترك الناس أمام سؤال عملي: هل آخذ اللقاح أم أنتظر؟ الإجابة غالبًا تعتمد على العمر والحالة الصحية والموقع الجغرافي.

هل القلق مبرر؟

يحذر الخبراء من الإفراط في الاطمئنان أو في القلق. الفيروس لم يختفِ، لكنه لم يعد أيضًا العدو الغامض كما في 2020. اليوم نمتلك أدوات وقاية ومعرفة وخبرة جماعية. الجديد ليس في خطورة المتحوّرات بقدر ما هو في قدرتها على تذكيرنا بأنّ «النهاية الكاملة» للجائحة لم تأتِ بعد.

 

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

حماس توافق على مقترح الإفراج عن الأسرى وفق خطة ترامب

المقالة التالية

لماذا تعيش النساء أطول من الرجال؟