logo alelm
ابتكار طبي جديد يحارب السرطان بالضوء

في الوقت الذي لا تزال فيه علاجات السرطان التقليدية مرهقة ومكلفة جسديًا ونفسيًا، يفتح العلماء بابًا جديدًا أمام علاج أكثر أمانًا وفاعلية، يعتمد على الضوء بدل السموم الكيميائية أو الإشعاع. ويعتمد الابتكار على فكرة بسيطة لكنها ثورية وهي استخدام الضوء لتسخين الخلايا السرطانية وتدميرها بدقة متناهية، دون أن تتأثر الخلايا السليمة المحيطة.

وبحسب ما نشره موقع “Science Alert”، يستبدل العلاج الجديد، الذي يُعرف باسم العلاج الضوئي الحراري، الليزر عالي الكلفة بمصابيح LED عادية يمكن التحكم بها بسهولة. هذه المصابيح تبعث ضوءًا معتدلًا يخترق الجلد بأمان ويُفعّل جسيمات نانوية مصممة خصيصًا لامتصاص هذا الضوء وتحويله إلى حرارة قاتلة للخلايا السرطانية فقط.

ما الفرق بين العلاج بالضوء والعلاج الكيميائي؟

ويعتمد الباحثون في هذا النهج على رقائق نانوية من أكسيد القصدير (SnOx)، تمتلك قدرة فريدة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء القريبة وتحويلها إلى حرارة موضعية دقيقة. وعندما تُسلّط عليها الإضاءة، تعمل بمثابة سخانات ميكروسكوبية، تُدمّر أغشية الخلايا الخبيثة دون أن تمس الأنسجة السليمة. وعلى عكس العلاج الكيميائي الذي يُضعف الجسم ككل، أو الإشعاعي الذي يترك آثارًا جانبية طويلة الأمد، فإن العلاج الضوئي الحراري يستهدف الورم وحده، ولا يسبب تسممًا أو ضررًا متراكمًا.

وفي التجارب المخبرية، نجح الجمع بين ضوء الـLED وهذه الرقائق النانوية في القضاء على أكثر من 90% من خلايا سرطان الجلد وقرابة نصف خلايا سرطان القولون خلال نصف ساعة فقط، بينما ظلت خلايا الجلد السليمة في مأمن تام. ويمتاز هذا النظام ببساطته وتكلفته المنخفضة، إذ لا يحتاج إلى أجهزة معقدة أو مختبرات متخصصة. بل إن الفريق البحثي يتصور إمكانية تطوير أجهزة صغيرة تشبه الرقعة الطبية تُثبت على الجلد بعد الجراحة، لتقضي على أي بقايا من الخلايا السرطانية وتقلل فرص عودة الورم مجددًا.

كما يفتح هذا النهج المجال أمام دمج العلاج الضوئي مع أساليب علاجية أخرى مثل العلاج المناعي أو الأدوية الموجهة، حيث تساعد الحرارة الناتجة عن الضوء على جعل الخلايا أكثر استجابة للعلاج وتحفز جهاز المناعة على التعرف عليها ومهاجمتها. ويؤكد الباحثون أن استخدام مصابيح LED، بفضل انتشارها وسهولة تشغيلها، يمكن أن يُحدث تحولًا كبيرًا في إمكانية الوصول إلى علاج السرطان في المناطق ذات الموارد المحدودة، بعيدًا عن المستشفيات الكبرى.

المرحلة التالية.. التجارب السريرية

من المقرر أن تركّز المرحلة المقبلة من الأبحاث على نقل هذا النجاح من المختبر إلى التجارب السريرية، مع اختبار أطوال موجية جديدة وقدرات اختراق أعمق لمعالجة أورام داخلية مثل سرطان الثدي والقولون. كما يجري تطوير أنظمة نانوية قابلة للزرع تُتيح مراقبة العلاج والتحكم فيه داخل الجسم بشكل مستمر.

ولا يُعد هذا التقدم مجرد إنجاز علمي، بل خطوة نحو علاج أكثر إنسانية، يخفف الألم ويقلل التكلفة ويمنح المرضى أملًا في مواجهة السرطان بوسائل أبسط وأكثر أمانًا. فالضوء، الذي كان رمزًا للحياة منذ الأزل، قد يصبح قريبًا سلاح الطب الحديث في القضاء على أكثر أمراض العالم فتكًا.

اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| أعلى معدلات الإصابة بالسرطان عالميًا
حقيقة صادمة.. التان قد يسبب السرطان
فحص دم يكشف السرطان قبل 3 سنوات من ظهوره

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

سباق الابتكار روسيا وأوكرانيا.. كيف أصبح الارتجال سلاحًا في الحرب؟

المقالة التالية

أكبر أسواق لـ ChatGPT حول العالم