أثار زلزال كامتشاتكا، الذي ضرب الساحل الشرقي لروسيا فجر الأربعاء بقوة بلغت 8.8 درجة على مقياس ريختر، حالة من القلق الشديد في جميع أنحاء المحيط الهادئ.
سادت مخاوف من حدوث تسونامي كارثي، مما دفع الملايين إلى إخلاء السواحل في اليابان وأماكن أخرى، ومع ذلك، وعلى الرغم من التحذيرات الخطيرة، كانت الأمواج الناتجة معتدلة نسبيًا، مما يطرح سؤالاً جوهريًا: لماذا لم تكن الكارثة بالضخامة التي كان يُخشى منها؟
بدايةً، تقع شبه جزيرة كامتشاتكا في منطقة “حزام النار في المحيط الهادئ“، وهي منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي والبركاني المرتفع، حيث تحدث فيها 80% من زلازل العالم.
ونتج زلزال كامتشاتكا عن حركة الصفائح التكتونية، حيث تغوص صفيحة المحيط الهادئ تحت صفيحة أوخوتسك الصغرى المجاورة لها، وهي حركة ليست سلسة دائمًا؛ إذ يمكن أن تلتصق الصفائح ببعضها البعض، مما يؤدي إلى تراكم هائل للضغط على مدى آلاف السنين، ثم يتم إطلاقه فجأة في غضون دقائق على شكل زلزال هائل يُعرف بـ “الزلزال الدفعي الضخم”.
وفي حين أن هذه العملية قادرة على إزاحة كميات هائلة من المياه وتوليد موجات تسونامي، إلا أن حجم التسونامي لا يعتمد فقط على قوة الزلزال.
أحد الأسباب الرئيسية لعدم حدوث تسونامي مدمر هو أن قوة زلزال كامتشاتكا لم تكن بالضخامة التي قد يوحي بها الرقم 8.8. فمقياس الزلازل ليس خطيًا، مما يعني أن زيادة طفيفة في الدرجة تقابل قفزة هائلة في الطاقة المنبعثة.
ووفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الزلزال الذي تبلغ قوته 9.1 درجة (مثل زلزال اليابان عام 2011 وزلزال المحيط الهندي عام 2004) هو أقوى بنحو ثلاث مرات من زلزال بقوة 8.8 درجة؛ لذا، كانت قدرة زلزال كامتشاتكا على دفع حجم عملاق من المياه عبر المحيط أقل بكثير من تلك الزلازل الكارثية.
عامل آخر ينبغي النظر إليه هو عمق الزلزال، فكلما كان الزلزال أقرب إلى السطح، زادت إزاحة قاع البحر، وبالتالي زاد حجم موجة التسونامي.
وتشير التقارير الأولية أن الزلزال وقع على عمق ضيق يبلغ حوالي 20.7 كيلومترًا تحت سطح الأرض، وهو ما كان يمكن أن يؤدي إلى موجة أكبر.
ومع ذلك، يرى العلماء أن هذا العمق قد يكون تقديرًا متحفظًا، وأن حدوث الزلزال على عمق أكبر ببضعة كيلومترات كان من شأنه أن يقلل من ارتفاع الأمواج بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، فإن طاقة التسونامي لا تتوزع بشكل متماثل في كل الاتجاهات، فالصدع لا ينكسر في خط مستقيم، كما أن حركة قاع البحر لا تحدث بسلاسة وفي اتجاه واحد.
وتتأثر الموجات أيضًا بشكل وطبيعة قاع البحر الذي تمر فوقه، وكذلك شكل الساحل الذي تصطدم به، حيث يمكن لخلجان معينة أن تضخم ارتفاع الأمواج، بينما يمكن للجزر أن تحنيها وتشتتها، وهذا يفسر لماذا لم تكن التوقعات الأولية دقيقة تمامًا.
ورغم كل ذلك، لا يمكن إغفال أن زلزال كامتشاتكا تسبب بالفعل في دمار محلي، فقد وصلت أمواج التسونامي إلى ارتفاع حوالي 5 أمتار في بلدة سيفيرو كوريلسك، مما أدى إلى تدمير منازل وأجزاء من الميناء.