logo alelm
حبوب منع الحمل للرجال تقترب من الأسواق بعد تجارب سريرية ناجحة

لطالما كان الحمل منعًا أو حدوثًا، مرهونًا بجسد المرأة وحده، لكن حبة جديدة، خالية من الهرمونات، ظهرت لتقلب هذه المعادلة. إنها ليست وعدًا بعيدًا، بل واقع بدأ يأخذ شكله في المختبرات وتجارب الإنسان.

ففي يوليو 2025، أعلنت دورية Communications Medicine عن اجتياز حبة ذكورية تجريبية لمنع الحمل أول اختبارات السلامة على البشر.

لا تعتمد الحبة التي أُطلق عليها اسم «YCT-529»،  على الهرمونات لإيقاف إنتاج الحيوانات المنوية، بل تعطل بروتينًا يُدعى «مستقبِل حمض الريتينويك ألفا»، وهو عنصر محوري في عملية تصنيع النطاف.

وبدلًا من تغيير المزاج أو العبث بوظائف الجسم كما تفعل الوسائل التقليدية، تستهدف هذه الحبة موقعًا دقيقًا في سلسلة الخصوبة الذكورية، فتُوقف العملية مؤقتًا، دون أن تُخل بباقي الجسد.

ما الذي كشفته التجربة الأولى؟

شارك 16 رجلًا تتراوح أعمارهم بين 32 و59 عامًا، جميعهم خضعوا سابقًا لعمليات تعقيم (فازكتومي)، وذلك كإجراء احترازي في حال أثرت التجربة على خصوبتهم.

قُسّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات: واحدة تناولت جرعة منخفضة، الثانية جرعة عالية، والثالثة تلقّت علاجًا وهميًا، ولم تُسجّل أي آثار جانبية خطيرة عبر جميع الجرعات، ولم تُسجل تغيرات مقلقة في معدل ضربات القلب أو المزاج أو الوظائف الجنسية.

لماذا تُعد هذه التجربة مفصلية؟

لأنها تُمهّد الطريق لأول مرة أمام خيار ذكوري يمكن أن يكون بديلاً حقيقيًا للواقي الذكري أو التعقيم، وهما الخياران الوحيدان المتاحان حاليًا للرجل.

تقول الدكتورة ستيفاني بيج، أستاذة الغدد الصماء بجامعة واشنطن، التي لم تشارك في البحث: «نحن بحاجة ماسّة إلى وسائل منع حمل قابلة للعكس لدى الرجال». فالحبة الجديدة لا توفّر خيارًا إضافيًا فحسب، بل تفتح بابًا أمام «تقاسم أكثر عدالة لمسؤولية الإنجاب».

كيف تبيّن فاعلية الدواء قبل تجربته على البشر؟

في تجارب سابقة على الفئران، أوقفت الحبة إنتاج الحيوانات المنوية خلال أربعة أسابيع بنسبة فعالية بلغت 99%. والأهم أنه عند التوقف عن تناولها، استعاد الذكور خصوبتهم خلال 4 إلى 6 أسابيع.

وفي قرود المختبر، أظهرت النتائج نمطًا مشابهًا، فقد انخفضت أعداد الحيوانات المنوية بحدة خلال أسبوعين، ثم عادت إلى معدلاتها الطبيعية بعد حوالي ثلاثة أشهر من التوقف.

وبدأت بالفعل المرحلة الثانية من التجارب، حيث يتناول المشاركون الدواء لمدة 28 يومًا، ثم 90 يومًا، بهدف اختبار السلامة مجددًا، وقياس تأثيره المباشر على عدد الحيوانات المنوية.

وتُشرف على تطوير الحبة شركة «YourChoice Therapeutics»، بالتعاون مع جامعتَي مينيسوتا وكولومبيا.

وبحسب ناديا مانوفيتز، المؤسِسة المشاركة ومديرة العلوم في الشركة: «نتوقع أن تكون الجرعة النهائية قريبة من أعلى جرعة اختُبرت (180 ملج)، وقد تكون جرعة يومية». وهو ما يعزز من إمكانية تحويل هذا الابتكار إلى واقع طبي خلال سنوات قليلة.

لماذا تأخر تطوير وسائل منع الحمل للرجال؟

رغم التقدّم العلمي الهائل، بقيت وسائل منع الحمل حكرًا على النساء. بعض الأسباب تتعلق باختلافات بيولوجية تجعل تعطيل الخصوبة الذكورية أكثر تعقيدًا، بينما تعود أسباب أخرى لغياب الإرادة السياسية والتمويل. فقد ظلت شركات الأدوية مترددة في الاستثمار في وسائل قد لا تحظى بقبول شعبي أو لا تُدر أرباحًا سريعة.

وعلى رغم أن نصف سكان الأرض رجال، لم تُقدّم لهم طوال قرنٍ تقريبًا سوى وسيلتين لتنظيم الأسرة، إحداهما دائمة والأخرى غير مضمونة. ولذلك، فإن «YCT-529» لا يُمثل مجرد تطور طبي، بل أيضًا تحولًا اجتماعيًا يُعيد توزيع الأدوار في منظومة الإنجاب.

وتشير استطلاعات نُشرت سابقًا في مجلة The Lancet إلى أن نسبة كبيرة من النساء سترحب بوسيلة منع حمل ذكورية آمنة، فيما أبدى نحو 40% من الرجال استعدادهم لتجربتها إذا كانت فعالة وقليلة الأعراض. لكن هذه النسب مرهونة حتمًا بنجاح الحبة في التجارب القادمة، وثقة المجتمع بها لاحقًا.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إعلان نتائج اختبار القدرة المعرفية الورقي في هذا التاريخ

المقالة التالية

أهم أفلام ومسلسلات نتفليكس في أغسطس 2025.. أعمال جديدة قادمة