يشهد كوكبنا اليوم، الثلاثاء 22 يوليو، ظاهرة فلكية دقيقة لكنها بالغة الأهمية، حيث قد يحصد لقب أقصر يوم في التاريخ، في ظل تسارع غامض ومستمر في سرعة دوران الأرض حول محورها.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن المراصد العالمية، من المتوقع أن يكون هذا اليوم أقصر من المعتاد بحوالي 1.34 ميلي ثانية، ليحتل المرتبة الثانية كأقصر يوم في عام 2025 حتى الآن، بعد يوم 10 يوليو الذي كان أقصر بنحو 1.36 ميلي ثانية، مع إمكانية أن يسجل الرقم الأكبر على الإطلاق.
ورغم أن هذا الفارق الزمني، الذي لا يمكن قياسه إلا بالساعات الذرية فائقة الدقة، لن يشعر به البشر في حياتهم اليومية، إلا أنه يمثل لغزًا كبيرًا للعلماء ويحمل تداعيات مهمة على أنظمة التقنية العالمية، من أنظمة تحديد المواقع والأقمار الصناعية إلى الطريقة التي نحافظ بها على تزامن الوقت العالمي نفسه.
على عكس الاتجاه طويل الأمد الذي شهد تباطؤ دوران الأرض على مدى مليارات السنين بسبب الجاذبية القمرية، لاحظ العلماء منذ عام 2020 اتجاهًا معاكسًا ومحيرًا، فقد بدأت الأرض في الدوران بشكل أسرع، محطمة الأرقام القياسية لأقصر يوم بشكل متكرر.
ويشير العلماء إلى أن هذا التسارع ناتج عن مجموعة معقدة من العوامل التي لم تُفهم بالكامل بعد.
وتتعدد النظريات لتفسير هذه الظاهرة؛ فبعضها يرجعها إلى تغيرات في حركة نواة الأرض الداخلية المنصهرة، بينما يربطها آخرون بذوبان القمم الجليدية الذي يعيد توزيع كتلة الكوكب ويؤثر على دورانه.
كما تقترح أبحاث حديثة لوكالة “ناسا” أن القمر قد يلعب دورًا مزدوجًا؛ فبينما تسببت جاذبيته تاريخيًا في إبطاء الأرض، فإن موقعه الحالي البعيد عن خط استواء الأرض قد يمنح الكوكب “دفعة سرعة” طفيفة، وهو ما يفسر تسجيل أقصر يوم في التاريخ خلال فترات محددة من الصيف.
تاريخيًا، اعتاد العالم على إضافة “ثانية كبيسة” إلى التوقيت العالمي لمواكبة تباطؤ دوران الأرض، لكن مع الاتجاه الجديد للتسارع، يواجه خبراء قياس الزمن تحديًا غير مسبوق، فإذا استمر هذا التسارع، قد يضطر العالم لأول مرة إلى طرح ثانية، فيما يعرف بـ “الثانية الكبيسة السالبة”، للحفاظ على توافق ساعاتنا مع دوران الكوكب، ويتوقع بعض العلماء أن هذا الإجراء قد يصبح ضروريًا بحلول عام 2029.
ويعد تسجيل أقصر يوم في التاريخ بشكل متكرر مؤشرًا على أن كوكبنا نظام ديناميكي معقد ومتغير باستمرار، ففي عام 2022، سجلت الأرض أقصر يوم على الإطلاق حتى الآن بـ 1.59 ميلي ثانية، بينما شهد عام 2024 تحطيم العديد من الأرقام القياسية.
ويستمر هذا الاتجاه في عام 2025، مما يؤكد أن ظاهرة أقصر يوم في التاريخ أصبحت نمطًا يتطلب دراسة ومراقبة مستمرة لفهم أسرار كوكبنا وتأثيرها على مستقبلنا التقني.