الحرب تُفرّغ أوكرانيا من سكانها.. انخفاض المواليد وارتفاع الوفيات

ديسمبر ٤, ٢٠٢٥

شارك المقال

الحرب تُفرّغ أوكرانيا من سكانها.. انخفاض المواليد وارتفاع الوفيات

تشهد أوكرانيا تراجعًا حادًا في أعداد المواليد وارتفاعًا في الوفيات والهجرة مع استمرار الحرب الروسية، إذ بدا جناح الولادة في بلدة هوشا غرب البلاد شبه خالٍ هذا العام. وسجّل المستشفى 139 ولادة فقط، انخفاضًا من 164 في عام 2024، بينما كانت البلدة تشهد أكثر من 400 ولادة سنويًا قبل عشر سنوات، وفقًا للسلطات المحلية.

أزمة سكانية في أوكرانيا

ووفقًا لـ" رويترز" قال طبيب أمراض النساء يفهين هيكل، إن الحرب أدت إلى فقدان عدد كبير من الشباب، ما يهدد مستقبل التركيبة السكانية في البلاد. وتحذر السلطات من أزمة ديموغرافية متصاعدة، مع مقتل وإصابة مئات الآلاف منذ بدء القتال قبل نحو أربع سنوات، وهجرة ملايين آخرين، بالتزامن مع انخفاض غير مسبوق في معدلات المواليد.

وتعكس بلدة هوشا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 5 آلاف نسمة، حجم الأزمة رغم بعدها عن الجبهة. ففي قرية سادوف القريبة، أُغلقت مدرسة كانت تستقبل أكثر من 200 تلميذ، بعدما انخفض العدد إلى تسعة فقط. وقال رئيس مجلس مدينة هوشا، ميكولا بانشوك، إن إغلاق المدرسة جاء بسبب التراجع الحاد في أعداد الأطفال خلال العامين الماضيين.

أعلى معدلات وفيات وأدنى معدلات مواليد

شهدت أوكرانيا تراجعًا مستمرًا في عدد المواليد السنوي منذ عام 2014، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وسرع هذا الانخفاض بشكل حاد بعد الغزو الشامل في 2022. وقال أوليكساندر هلادون، نائب رئيس معهد الديموغرافيا بالأكاديمية الوطنية للعلوم، إن أزمة السكان ازدادت سوءًا لأن النساء الأصغر سنًا يمثلن نسبة كبيرة بين اللاجئين منذ بداية الحرب.

وتشير توقعات الأمم المتحدة المنشورة في 2024 إلى أن عدد سكان أوكرانيا قد ينخفض بحلول عام 2100 إلى ما بين 9 و23 مليون نسمة، ما يثير مخاوف بشأن مستقبل البلاد الديموغرافي. أفاد معهد الديموغرافيا التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا، بأن عدد سكان البلاد انخفض من 42 مليون نسمة قبل الغزو الروسي في فبراير 2022 إلى أقل من 36 مليونًا اليوم، من بينهم عدة ملايين يعيشون في مناطق خاضعة للسيطرة الروسية. وتتوقع التقديرات أن يتراجع العدد إلى نحو 25 مليون نسمة بحلول عام 2051.

وتُظهر بيانات كتاب حقائق العالم لعام 2024 الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن أوكرانيا تسجل أحد أعلى معدلات الوفيات وأدنى معدلات المواليد عالميًا، حيث يقابل كل ولادة تقريبًا ثلاث وفيات. وتشير الأرقام إلى أن جميع مناطق البلاد تسجل وفيات تفوق المواليد، مع انخفاض أكبر في المناطق القريبة من خط المواجهة.

كما انخفض متوسط العمر المتوقع في أوكرانيا بشكل كبير منذ بدء الحرب؛ إذ تراجع متوسط عمر الرجال من 65.2 سنة قبل الحرب إلى 57.3 سنة في عام 2024، بينما انخفض متوسط عمر النساء من 74.4 سنة إلى 70.9 سنة، وفق تقديرات الحكومة.

خطة الحكومة لمواجهة التراجع السكاني

يحذر خبراء وسياسيون من أن أوكرانيا ستحتاج إلى ملايين العمال لإعادة بناء اقتصادها المنهار بعد الحرب، ولتعزيز قدرتها الدفاعية في حال تعرضت لهجوم جديد من موسكو، وهو احتمال يخشاه الكثير من الأوكرانيين.

وفي محاولة لمواجهة التراجع السكاني، أطلقت حكومة كييف العام الماضي استراتيجية ديموغرافية تمتد حتى عام 2040. وتشير الوثيقة إلى أن البلاد قد تواجه نقصًا يصل إلى 4.5 مليون عامل خلال السنوات العشر المقبلة، خاصة في قطاعات البناء والتكنولوجيا والخدمات الإدارية.

وترتكز الخطة على الحد من الهجرة، وتشجيع الأوكرانيين الذين غادروا البلاد على العودة، من خلال تحسين السكن والبنية التحتية والتعليم. كما تشمل الاستراتيجية استقدام مهاجرين من دول أخرى لسد الشواغر في حال استمرار نقص العمالة.

وتقدّر السلطات أن هذه الإجراءات قد ترفع عدد السكان إلى 34 مليون نسمة بحلول عام 2040، لكنها تحذر في المقابل من احتمال تراجع العدد إلى 29 مليونًا إذا استمرت الاتجاهات الحالية دون تغيير.

فرضت السلطات الأوكرانية قيودًا على سفر الرجال منذ بدء الحرب، إذ منعت معظم من تزيد أعمارهم عن 18 عامًا من مغادرة البلاد، قبل أن يرفع الرئيس فولوديمير زيلينسكي السن إلى 22 عامًا في أغسطس الماضي.

ورغم أن عدد سكان أوكرانيا تجاوز 48 مليون نسمة في عام 2001، فإن التراجع الديموغرافي بدأ قبل اندلاع الحرب بسنوات، مع مغادرة ملايين المواطنين إلى دول أوروبا الغربية هربًا من الفقر والفساد. وزادت وتيرة الهجرة بشكل كبير بعد الغزو الروسي، مما دفع ملايين آخرين إلى الخروج من البلاد.

وذكر مركز الاستراتيجية الاقتصادية في تقرير نُشر في مارس أن نحو 5.2 مليون أوكراني غادروا منذ بدء الغزو ما زالوا في الخارج، معظمهم في دول أوروبية، إضافة إلى روسيا وألمانيا وبولندا. وتوقعت المؤسسة البحثية أن ما بين 1.7 و2.7 مليون منهم سيبقون في الخارج حتى بعد انتهاء الحرب، مع احتمال انضمام مئات الآلاف من الرجال البالغين إليهم عندما يُرفع حظر السفر عنهم.

اقرأ أيضًا :

من هم المفاوضون في محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا؟

مخاوف أوروبية من "صفقة قبيحة" لإنهاء حرب أوكرانيا

نتنياهو يكشف عن شرطه الأساسي للتفاوض مع سوريا

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech