بعد تهديد ترامب بمنع مهاجريها.. ما نعرفه عن دول العالم الثالث

نوفمبر ٢٨, ٢٠٢٥

شارك المقال

بعد تهديد ترامب بمنع مهاجريها.. ما نعرفه عن دول العالم الثالث

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لهجته تجاه الهجرة بصورة غير مسبوقة، مُعلنًا أنه يعتزم فرض حظر دائم على دخول القادمين من ما وصفه بـ"دول العالم الثالث"، وذلك عقب حادث إطلاق النار الذي استهدف عنصرين من الحرس الوطني في واشنطن العاصمة، والذي تحوّل بسرعة إلى وقود سياسي داخل خطابه المتشدد حول أمن الحدود.

وجاءت تصريحات ترامب في سلسلة منشورات مطوّلة نشرها عبر منصة "تروث سوشيال" في ساعة متأخرة من ليلة عيد الشكر، افتتحها بتحية العيد قبل أن ينتقل إلى لغة حادة اعتبر فيها أن المهاجرين واللاجئين يتحملون مسؤولية ارتفاع معدلات الجريمة وتفاقم الضغوط الاقتصادية في البلاد، دون تقديم أدلة واضحة. وكتب الرئيس أن إدارته ستوقف المزايا الفيدرالية لغير المواطنين، وتُبعد "أي فرد لا يمثل إضافة صافية" للولايات المتحدة، وستفرض في المقابل ما سماه "الهجرة العكسية" كحل جذري لتقليص أعداد المقيمين الأجانب.

تفاصيل الهجوم

وكان الهجوم الذي وقع قرب البيت الأبيض مساء الأربعاء، بمثابة نقطة التحول التي استند إليها ترامب لتبرير الإجراءات الجديدة. فقد أكدت السلطات أن المشتبه به، رحمان الله لاكانوال، وهو أفغاني وصل إلى الولايات المتحدة عام 2021 في إطار برنامج إعادة توطين خصّص للأفغان الذين عملوا إلى جانب القوات الأميركية، قد سبق أن تعاون مع وحدات عسكرية مرتبطة بوكالة الاستخبارات المركزية أثناء الحرب. وأفاد مسؤولون بأن المشتبه به نال حق اللجوء في أبريل الماضي، لكن طلب حصوله على الإقامة الدائمة لم يُبت فيه بعد.

وأُصيبت مجندتان من الحرس الوطني في الهجوم وهما: سارة بيكستروم البالغة من العمر 20 عامًا، والتي أعلن ترامب وفاتها لاحقًا، وأندرو وولف الذي لا يزال في حالة حرجة. وكانت القوات المنتشرة في العاصمة جزءًا من خطط أمنية أوسع أعلنتها إدارة ترامب منذ أغسطس الماضي بعد إعلان "حالة طوارئ إجرامية".

إجراءات عاجلة ضد المهاجرين

وبعد مرور ساعات قليلة من الحادث، سارعت الحكومة الأميركية إلى اتخاذ سلسلة من التدابير. فقد أعلنت دائرة خدمات المواطنة والهجرة (USCIS) تعليقًا فوريًا لمعالجة الطلبات المقدمة من مواطنين أفغان، في انتظار مراجعة إجراءات التدقيق الأمني. ثم أعلنت وزارة الأمن الداخلي أن المراجعة ستتوسع لتشمل جميع ملفات اللجوء التي تمت الموافقة عليها خلال إدارة بايدن، دون تحديد ما إذا كان ذلك ينطبق على الأفغان فقط أم على جنسيات أخرى أيضًا.

كما وجّه مدير USCIS جوزيف إيدلو بإعادة فحص شامل للبطاقات الخضراء الصادرة لرعايا "دول مثيرة للقلق"، في إشارة إلى 19 دولة شملها إعلان رئاسي سابق من بينها أفغانستان وإيران والصومال وفنزويلا وعدد من الدول الأفريقية والآسيوية. ولم تُفصّل الإدارة قائمة المعايير التي تحدد تلك الدول.

التشدد الجديد لم يقتصر على الإجراءات الإدارية، بل اتخذ طابعًا سياسيًا مباشرًا، إذ استهدف ترامب بشكل خاص الجالية الصومالية في ولاية مينيسوتا، زاعمًا أن "مئات الآلاف" منهم سيطروا على الولاية بالكامل. وكان قد وعد في الأسبوع السابق بإنهاء الوضع الوقائي المؤقت الممنوح للصوماليين هناك، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا نظرًا لأن عدد المشمولين بالبرنامج لا يتجاوز بضع مئات وفق تقارير رسمية.

وفي خطابه الأخير، لم يكتف الرئيس بالتلويح بإيقاف الهجرة، بل لوّح أيضًا بإمكانية تجريد مهاجرين من جنسيتهم إذا اعتُبروا مهددين للأمن الداخلي، متهمًا بعضهم بأنهم "غير منسجمين مع الحضارة الغربية". كما أعاد الهجوم على الحرس الوطني إلى الواجهة مطالبته بترحيل كل من "لا ينتمي إلى البلاد"، وربط بين هذه الإجراءات وإعادة ما وصفه بـ"التعافي الكامل للنظام الأميركي".

انتقادات ودعوات لحماية حقوق المهاجرين

وقد أثارت تصريحات الرئيس ردود فعل منظمات دولية، إذ دعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجهات الحقوقية الولايات المتحدة إلى احترام التزاماتها الدولية، مؤكدة أن التعامل مع طالبي اللجوء يجب أن يتم بإجراءات عادلة وأن الغالبية الساحقة من اللاجئين ملتزمون بالقانون. كما حذرت منظمات أميركية من استخدام حادثة فردية ذريعة لاستهداف مجموعات كاملة بناءً على الجنسية أو الخلفية.

بدورهم، انتقد خبراء الهجرة في الولايات المتحدة التصريحات، معتبرين أن الهجوم لا يبرر وصم المهاجرين بشكل جماعي. وأشار متخصصون إلى أن دوافع مرتكبي العنف لا ترتبط غالبًا بالجنسية أو الأصل، وأن ربطها بفئات كاملة يعدّ تضليلًا وخطرًا على السلم الاجتماعي.

أما لاكانوال، المشتبه به في الهجوم، فكشفت تقارير إعلامية أنه كان قد خدم في وحدة أفغانية خاصة عُرفت باسم "قوات العقرب"، والتي عملت في فترات مختلفة تحت إشراف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل أن تنتقل تبعيتها إلى جهاز الاستخبارات الأفغاني. ووصفه قادة خدموا معه بأنه شخص نشيط ومرح، رغم أنه عانى لاحقًا من مشكلات نفسية وفق مقربين منه.

ويأتي هذا التصعيد في الوقت الذي تستعد فيه الإدارة الأميركية لاحتمال معارك قانونية مرتبطة بهذه الإجراءات، لا سيما أن قرارات الحظر السابقة التي أصدرها ترامب واجهت اعتراضات واسعة قبل أن تقرها المحكمة العليا بصيغة معدّلة. ومع عدم وضوح كيفية تطبيق "الوقف الدائم للهجرة"، يبدو أن الولايات المتحدة مقبلة على موجة جديدة من الجدل القانوني والسياسي بشأن مستقبل سياساتها تجاه المهاجرين واللاجئين.

ما هي دول العالم الثالث؟

رغم أن مصطلح "العالم الثالث" لم يعد مستخدمًا في الأدبيات الاقتصادية والإنسانية الحديثة، إلا أن ترامب أعاد إحيائه بوصفه مظلة تشمل دولًا يعتبرها مصدرًا للهجرة "غير المرغوبة". وبرغم عدم تحديده القائمة في منشوراته، فقد أشارت السلطات الأميركية لاحقًا إلى أن الإجراءات تشمل 19 دولة مصنفة سابقًا على أنها "مثيرة للقلق"، وهي: أفغانستان، بورما (ميانمار)، تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، اليمن، بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، فنزويلا.

وتشمل هذه القائمة دولًا من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأميركا اللاتينية، معظمها يعاني من نزاعات مسلحة، أزمات سياسية، أو ضعف اقتصادي، ما يجعل سكانها غالبًا عرضة للهجرة لأسباب إنسانية أو اقتصادية.

ولا يثعتبر مصطلح العالم الثالث علميًا ولا دقيقًا. إذ ظهر في حقبة الحرب الباردة للدلالة على الدول التي لم تكن ضمن الكتلة الغربية أو السوفييتية، ثم تطور ليعني "الدول الفقيرة" أو "المتخلفة اقتصاديًا". لكن مؤسسات كبرى مثل البنك الدولي تخلّت عنه منذ سنوات باعتباره مصطلحًا مهينًا وغير موضوعي.

اقرأ أيضًا:
إبستين وترامب.. خفايا العلاقة التي تطارد الرئيس الأمريكي
إدارة ترامب تمهد لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية.. ماذا يعني ذلك؟
كيف علّق بوتين على خطة ترامب للسلام في أوكرانيا؟

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech