قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، الجمعة، إن مسار الحوار بين إسلام آباد وكابول “انهار فعليًا”، مؤكدًا أن العملية التفاوضية التي كانت جارية بين الجانبين دخلت في “مرحلة غامضة وغير محددة”، بعد أن أخفق المفاوضون في التوصل إلى تفاهمات حول النقاط الخلافية الأساسية، وفق ما أوردته صحيفة “دون نيوز” الباكستانية.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين حكوميين ومصادر أمنية أكدوا في وقت سابق أن الاجتماعات بين الجانبين لم تحقق أي اختراق يُذكر، وأن محادثات إسطنبول الأخيرة وصلت إلى طريق مسدود تمامًا، في ظل تمسك كل طرف بمواقفه وعدم وجود أرضية مشتركة تسمح بالمضي قدمًا نحو حلول عملية. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني رفيع قوله إن “المفاوضات التي جرت في إسطنبول تعثّرت بالكامل، ولم تُسفر عن أي نتائج ملموسة”، موضحًا أن الخلافات الجوهرية حول قضايا الأمن الحدودي ومسؤولية العمليات المسلحة المتبادلة حالت دون تحقيق أي تقدم.
وأضاف الوزير آصف أن الحكومة الباكستانية خلصت إلى أن “جولة الحوار بين باكستان وأفغانستان انتهت تمامًا”، في إشارة إلى أن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تهدئة التوترات بين البلدين قد وصلت إلى نهايتها دون نتائج. ويأتي فشل المحادثات في وقت تشهد فيه المناطق الحدودية بين البلدين موجة عنف متصاعدة، حيث اندلعت مواجهات متكررة خلال الأسابيع الماضية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين والعسكريين من كلا الجانبين، في أخطر تصعيد تشهده الحدود منذ عدة سنوات.
بداية أعمال العنف
بحسب التقارير، فإن أعمال العنف بدأت عقب انفجارين متزامنين وقعا في التاسع من أكتوبر، أحدهما في العاصمة الأفغانية كابول، والآخر في إقليم باكتيكا، حيث اتهمت الحكومة الأفغانية باكستان بالوقوف وراء الهجومين، في حين رفضت إسلام آباد تأكيد أو نفي تلك الاتهامات، ولم يصدر أي من الطرفين بيانات دقيقة بشأن حجم الخسائر البشرية الناجمة عن الانفجارين.
ومنذ ذلك التاريخ، تكررت الاشتباكات والقصف المتبادل على طول الحدود، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا. وتشير التقديرات إلى أن أعداد القتلى والجرحى تختلف بشكل كبير بين الروايات الرسمية للطرفين. ففي تصريحات أدلى بها هذا الأسبوع، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الفريق أحمد شريف، إن القوات الباكستانية نفذت عمليات واسعة استهدفت مواقع داخل الأراضي الأفغانية، ردًا على هجمات تعرضت لها من الجانب الآخر، وأسفرت العمليات – بحسب قوله – عن مقتل أكثر من 200 جندي أفغاني وما يزيد على 100 مسلح.
لكن كابول سارعت إلى نفي هذه الأرقام، حيث قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، ذبيح الله مجاهد، إن حصيلة القتلى في صفوف الجيش الأفغاني لا تتجاوز تسعة جنود، إضافة إلى إصابة 22 آخرين، بينما أشار إلى مقتل نحو 45 مدنيًا وإصابة 102 جراء الغارات الباكستانية. كما زعم مجاهد أن القوات الأفغانية تمكنت من قتل 58 جنديًا باكستانيًا خلال الاشتباكات، غير أن السلطات في إسلام آباد نفت صحة هذه المعلومات، مؤكدة أن خسائرها بلغت 23 قتيلًا فقط من العسكريين.
وساطة قطرية
أمام هذا التصعيد الخطير، تدخلت قطر للوساطة بين الطرفين، حيث استضافت جولة محادثات في الدوحة أفضت إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في التاسع عشر من أكتوبر. ومع ذلك، لم تصمد الهدنة طويلًا، إذ شهدت الحدود خروقات متفرقة استمرت رغم الإعلان الرسمي عن سريان وقف النار.
وبعد محادثات الدوحة، عقدت جولتان إضافيتان من الحوار في مدينة إسطنبول التركية، غير أن الاجتماعات لم تُحقق أي اختراق ملموس، رغم تأكيد الجانبين أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال قائمًا من الناحية النظرية. ووفقًا لتقارير ميدانية، فقد وقعت اشتباكات جديدة في المناطق الحدودية قبل أيام، أودت بحياة أربعة مدنيين أفغان وأصابت خمسة آخرين بجروح، بحسب مسؤول أفغاني تحدث لوكالة “أسوشيتد برس”.
وتتقاسم باكستان وأفغانستان حدوداً يبلغ طولها نحو 2611 كيلومترًا، تُعرف بـ”خط دوراند”، وهو خط تم ترسيمه عام 1893 إبان الحقبة البريطانية، ويمر عبر مناطق تقطنها قبائل البشتون، وهي أكبر المجموعات العرقية في أفغانستان وتشكل الحاضنة التقليدية لحركة طالبان. ورغم أن هذا الخط يُعترف به دوليًا كحدود رسمية لباكستان، فإن الحكومات الأفغانية المتعاقبة ترفض الاعتراف به، معتبرة أنه يقسّم النسيج الاجتماعي للبشتون بين دولتين. وقد ظلّ هذا الخلاف التاريخي أحد أبرز أسباب التوتر الدائم في العلاقات الثنائية، إلى جانب اتهامات متبادلة بدعم الجماعات المسلحة التي تنشط على جانبي الحدود.
اقرأ أيضًا:
لماذا تصاعدت الأزمة بين باكستان وأفغانستان؟
لماذا طلبت باكستان من مواطنيها تقليل شرب الشاي؟
زلزال بقوة 6.3 ريختر يضرب أفغانستان.. لماذا تتعرض دائمًا للزلازل؟














