استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مساء اليوم الجمعة، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على تحركات دبلوماسية جديدة لإحياء مسار التسوية للحرب الدائرة بين موسكو وكييف منذ عام 2022.
واستهل ترمب اللقاء بوصف زيلينسكي بأنه “قائد قوي للغاية” مرّ بتجارب قاسية، مؤكدًا أن الاجتماع يمثل “شرفًا كبيرًا”، وأنهما سيناقشان نتائج مكالمته الهاتفية الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إضافة إلى التحضيرات الجارية لعقد قمة ثلاثية مقترحة بين قادة الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا.
وكشف ترمب أنه تحدث مع بوتين لأكثر من ساعتين، مشيرًا إلى أن “الجانبين يريدان إنهاء الحرب”، مضيفًا: “أعتقد أن الرئيس بوتين مستعد لإنهائها، وكذلك زيلينسكي، والآن علينا أن ننجز ذلك”. وأكد أنه توافق مع بوتين على أن تكون المجر، بقيادة رئيس وزرائها فيكتور أوربان، مكانًا مناسبًا لعقد الاجتماع المرتقب، واصفًا أوربان بأنه “قائد ممتاز جعل بلاده أكثر أمانًا واستقرارًا”.
وأشار ترمب إلى أن الهدف من القمة هو “تهيئة أجواء تفاهم واقعية”، لافتًا إلى أنه قد يمنح الطرفين “بعض المساحة في البداية” نظرًا لحدة العداء القائم بين موسكو وكييف، قبل الانتقال إلى مفاوضات ثلاثية مباشرة. وقال: “إنها ستكون قمة للرؤساء الثلاثة”، مضيفًا بابتسامة: “نريد أن نجعلها مريحة للجميع”.
وفي ما يتعلق بالمساعدات العسكرية، أكد ترمب أن الولايات المتحدة لا ترغب في التصعيد، مشيرًا إلى أن تسليح أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى سيكون “تصعيدًا خطيرًا”، لكنه أقر بأن الموضوع مطروح للنقاش ضمن إطار أوسع. وأضاف أن بلاده كانت قد زودت أوكرانيا سابقًا بصواريخ “جافلين” التي ساهمت في منع سقوط كييف، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن “الولايات المتحدة تحتاج إلى الحفاظ على جاهزية مخزونها الدفاعي”.
وقال ترمب إن “التهديد باستخدام صواريخ توماهوك ما يزال قائمًا”، معتبرًا أن مجرد وجوده يشكل ضغطًا سياسيًا يمكن أن يدفع بوتين إلى طاولة المفاوضات. لكنه أوضح أن “الأفضل هو إنهاء الحرب من دون تلك الصواريخ”، في إشارة إلى رغبته في تفادي أي تصعيد مباشر مع موسكو. كما أكد أن الاتحاد الأوروبي سيتولى مسؤولية أكبر في إمداد أوكرانيا بما تحتاجه من دعم خلال المرحلة المقبلة.
من جانبه، ثمّن زيلينسكي استضافة البيت الأبيض، وهنأ ترمب على نجاح وقف إطلاق النار الأخير في غزة، قائلًا إن “ذلك نموذج يمكن البناء عليه لإنهاء الحرب في أوكرانيا”، مضيفًا أن “ترمب قادر على تحقيق وقف للنار كما فعل في الشرق الأوسط”. وأوضح زيلينسكي أن روسيا “تكبدت خسائر كبيرة” على الجبهات، لكنه يرى أن بوتين “ليس جاهزًا بعد للسلام”، مؤكدًا أن “الضغط الدولي ضروري” لدفع موسكو نحو التهدئة. وأضاف أن أوكرانيا منفتحة على أي مبادرات تفاوضية، لكنها “تحتاج إلى ضمانات حقيقية لأمنها”.
وخلال اللقاء، اقترح زيلينسكي توسيع التعاون الصناعي والعسكري مع واشنطن من خلال مشاريع مشتركة تشمل إنتاج الطائرات المسيّرة والأسلحة الدقيقة. وقال إن بلاده “تمتلك خبرة كبيرة في صناعة الطائرات بدون طيار”، مشيرًا إلى إمكانية “تبادل تقني يخدم الطرفين”. وقد أبدى ترمب اهتمامًا بالفكرة، قائلًا إن “الأوكرانيين يصنعون طائرة بدون طيار جيدة جدًا”، لكنه شدد على ضرورة أن “تبقى الولايات المتحدة مخزونة بالكامل بالأسلحة التي تحتاجها”.
ورأى ترمب أن الظروف الإقليمية والدولية باتت مواتية لتحقيق اختراق في ملف الحرب الأوكرانية، مشيرًا إلى أن “الزخم الذي رافق اتفاق غزة يمكن أن يفتح الباب لتفاهمات جديدة بين كييف وموسكو”. وأضاف: “لقد أعددنا الطاولة جيدًا في الشرق الأوسط، وأعتقد أن الطاولة جاهزة أيضًا هنا. سيكون من دواعي الشرف تحقيق اتفاق سلام دائم”.
وختم ترمب تصريحاته بالتأكيد على أن هدف بلاده “ليس الانتصار في الحرب بل إنهاؤها”، قائلًا: “لا أحد يعلم ما سيحدث في الحروب، لكننا نعلم أننا لا نريد حربًا طويلة. نريد سلامًا مستدامًا بين روسيا وأوكرانيا، وهذا ما سنعمل عليه”.
اقرا أيضًا:
نفق بوتين- ترامب.. مقترح الكرملين لربط الولايات المتحدة وروسيا
رويترز عن مسؤول بحماس: لا نستطيع الالتزام بنزع السلاح
هل يقنع ترامب “نتنياهو” بمواصلة اتفاق غزة؟