logo alelm
شاهد – تسريبات تكشف محادثات عنصرية بين شباب “الجمهوري” الأمريكي

كشفت تسريبات حصلت عليها صحيفة بوليتيكو عن محادثات عبر تطبيق تيليغرام بين قادة من منظمات الجمهوري الشباب في عدد من الولايات الأمريكية، تضمنت لغة عنصرية وتحريضية، وألفاظًا مهينة ضد الأقليات، إلى جانب إشادات بالعبودية وتلميحات بالعنف تجاه الخصوم السياسيين. ورغم إدراك المشاركين لاحتمال تسرب محادثاتهم، وقلقهم من العواقب، فإنهم واصلوا التبادل اليومي لرسائل مشحونة بالعنصرية والمعاداة للسامية والتهكم السياسي.

ألفاظ عنصرية وتهديدات

وأظهرت التسريبات استخدام ألفاظ مسيئة ضد الأمريكيين السود، وعبارات ترسخ العنف، منها إشارات إلى “غرف الغاز” و”اغتصاب الأعداء”، إضافة إلى تعليقات عن دعم “العبودية”. وورد في الرسائل أن ويليام هندريكس، نائب رئيس الشباب الجمهوري في كانساس، استخدم شتائم عنصرية أكثر من مرة، بينما كتب بيتر جيونتا، رئيس المنظمة في نيويورك آنذاك، رسالة جاء فيها: “كل من يصوت بلا سيُقتل في غرفة الغاز. وكان يشير إلى تصويت داخلي على رئاسة الاتحاد الوطني للشباب الجمهوري، الذي يضم نحو 15 ألف عضو تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا.

كما تضمنت المحادثات سخرية من الخصوم السياسيين بعبارات تهكمية ومؤيدة للعنف، إذ كتبت عضوة اللجنة الوطنية في نيويورك، آني كايكاتي، “أنا مستعدة لمشاهدة الناس يحترقون الآن”. وتشير التسريبات إلى أن هذه المحادثات امتدت لأكثر من 7 أشهر بين قادة الشباب الجمهوري في نيويورك وكانساس وأريزونا وفيرمونت، وقدمت نظرة على طبيعة الخطاب الداخلي لدى بعض الأجنحة اليمينية في الحزب عندما يعتقد أفرادها أنهم يتحدثون في مساحة خاصة.

ومنذ بدء التحقيق، فقد عدد من المشاركين وظائفهم، وألغيت عروض عمل أخرى، فيما أصدر سياسيون جمهوريون بارزون بيانات استنكار. وأكدت النائبة إليز ستيفانيك وزعيم الأقلية في مجلس شيوخ الولاية روب أورت أن هذه اللغة لا تمثل الحزب الجمهوري. وتُظهر السجلات، التي بلغ عددها 2900 صفحة، أن المجموعة كانت تسعى للهيمنة على منظمة الشباب الجمهوري الوطنية المؤيدة بشدة للرئيس السابق دونالد ترامب. ويشغل بعض أعضائها مناصب حكومية أو حزبية، بينهم عضو في مجلس شيوخ الولاية.

الحقبة “الترامبية”

ويرى خبراء أن انتشار الخطاب العنصري في هذه المحادثات يعكس أثر الحقبة “الترامبية” في تخفيف القيود على الخطاب المتطرف. وقال جو فيجين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة تكساس، إن “البيئة السياسية المنفتحة التي رافقت صعود ترامب أتاحت للبعض التعبير بحرية عن النكات والتعليقات العنصرية دون خوف”. كما تناولت المحادثات مواضيع داخلية في الحزب، منها ضغوط لمجاراة مواقف ترامب لتجنب الاتهام بالاعتدال، وانتقادات لأجنحة أخرى من الجمهوريين. وظهر في بعض الرسائل اتهامات بتآمر داخل الحزب واستخدام “الابتزاز” لتسريب الدردشة.

ورد جيونتا على نشر التسريبات باتهام خصوم داخليين بتنظيم “عملية اغتيال شخصية”، مدعيًا أن السجلات جُمعت بطريقة خادعة. لكنه مع ذلك قدّم اعتذارًا علنيًا عن “اللغة غير اللائقة والمسيئة”، مؤكدًا أنه يتحمل المسؤولية. وتضمنت الدردشة أيضًا اسم مايكل بارتلز، المستشار في إدارة الأعمال الصغيرة الأمريكية، الذي لم يعترض على الخطاب رغم مشاركته المحدودة فيه. وأوضح لاحقًا في إفادة مكتوبة أن خلافات داخلية أدت إلى تسريب محتوى المجموعة. أما بوبي ووكر، الذي يرأس حاليًا الشباب الجمهوري في نيويورك، فاعتذر بدوره عن اللغة “الخاطئة والجارحة”، مؤكدًا أن بعض الرسائل “ربما أُخرجت من سياقها”.

وبحسب بوليتيكو، تبادل المشاركون أكثر من 251 استخدامًا لألفاظ مهينة في نقاشاتهم عن الحملات الانتخابية واستراتيجيات وسائل التواصل. واحتوت الرسائل على سخرية من النساء والأقليات، واستخدام تعبيرات ازدرائية لذوي الإعاقات، وألفاظ معادية لليهود. وأظهر أحد المقاطع أظهر سخرية من طيّار أسود البشرة، وكتب جيونتا: “سأذهب إلى حديقة الحيوانات إذا أردت مشاهدة قرد يلعب كرة السلة”.

انتقادات للسلوك العنصري

عقب نشر التسريبات، دعا روب أورت إلى استقالة كل من تورط في هذه الدردشات، مؤكدًا أن “السلوك العنصري والمعادي للسامية لا مكان له في حزبنا”. كما ألغت حملات انتخابية تعيين بعض الأسماء الواردة في المحادثات. وتأتي هذه القضية وسط تصاعد للخطاب المتشنج في الساحة السياسية الأمريكية، وازدياد لجوء بعض اليمين إلى عبارات تحريضية وعنصرية في النقاشات العامة، بالتوازي مع ما ينشره ترامب نفسه من محتوى جدلي أو ساخر من خصومه السياسيين.

وتُظهر المحادثات أيضًا رغبة بعض المشاركين في الحصول على دعم ترامب لترشحهم داخل الاتحاد الوطني للشباب الجمهوري، حيث زعم جيونتا أنه تواصل مع البيت الأبيض، لكن الإدارة نفت أي علاقة بالمجموعة. وفشلت محاولة جيونتا لاحقًا في الفوز برئاسة الاتحاد، رغم تأييد شخصيات بارزة مثل ستيفانيك ومستشار ترامب السابق روجر ستون، اللذين أدانا بدورهما التصريحات المنسوبة إليه بعد نشرها.

كما بيّنت التسريبات إشارات لرموز تفوّق البيض مثل الرقم “1488”، المستخدم في أوساط النازيين الجدد، ومزاحًا يدعم العبودية، ما دفع محللين إلى تشبيه هذه الدردشات بمناقشات الجماعات العنصرية المتطرفة على الإنترنت. وأوضح الباحث في التطرف الأبيض، آرت جيبسون، أن تكرار الإهانات بهذا الشكل يجعلها “أكثر قبولًا وواقعية في ذهن من يستخدمها”، معتبرًا أن خطاب الكراهية عندما يُتداول في مجموعات مغلقة يتحول تدريجيًا إلى قناعة.

وامتدت لغة العداء في الدردشة إلى خصوم داخليين داخل الحزب، حيث هاجم المشاركون مرشحًا منافسًا وصفوه بألفاظ بذيئة، بل تمنى بعضهم إيذاءه الجسدي. وردّ الاتحاد الوطني للشباب الجمهوري ببيان رسمي أدان فيه هذه اللغة واعتبرها “لا تمثل قيم المنظمة”. وفي وقت لاحق، تطرقت بوليتيكو إلى شبهة سوء إدارة مالية في منظمة الشباب الجمهوري بنيويورك، مشيرة إلى أن حساباتها أظهرت ديونًا تجاوزت 38 ألف دولار وعدم تقديم إفصاحات مالية لازمة، وهو ما زاد من الاتهامات ضد قيادة المنظمة.

واللافت أن بعض المشاركين في الدردشة أنفسهم سخروا من الوضع المالي في رسائلهم، متهكمين على نفقات المنظمة وتلميحات إلى إنفاق أموالها على أغراض شخصية. وأظهرت الرسائل إدراكًا متزايدًا لدى بعض الأعضاء لاحتمال تسريب المحادثة، إذ كتب أحدهم ساخرًا: “إذا تم تسريب هذه الدردشة، فسنُطهى جميعًا”.

ورغم طابع المزاح في بعض المقاطع، تكشف التسريبات في مجملها عن ثقافة متفشية داخل جزء من الأوساط الشبابية الجمهورية تتسامح مع خطاب الكراهية، وتمزج السخرية بالعنف اللفظي والعنصرية الصريحة. وقد أدى ذلك إلى تداعيات فعلية شملت الإقالات، والاعتذارات العلنية، وتزايد الدعوات لمراجعة ثقافة الحزب وأخلاقياته بين جيل الشباب الجمهوريين.

اقرأ أيضًا:

بقرار وتهديد.. هل يقلّص “ترامب” حرية الصحافة؟
هل تستفيد أمريكا من رسوم ترامب الجمركية؟
إنذار لـ بوتين.. ترامب يلوّح بتزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك”

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

صفاء المشهداني.. اغتيال يعيد هواجس العنف الانتخابي في العراق

المقالة التالية

“نور الشخص”.. حين تتحول الإعاقة إلى طاقة للإبداع والتميز