مع مرور عامين على اندلاع الحرب في غزة، تظهر مؤشرات على احتمال قرب نهايتها، بعد سلسلة من التحركات الدبلوماسية التي شهدت موافقة حماس على بعض النقاط الأساسية في خطة السلام الأميركية، والتزام إسرائيل بتنفيذ المرحلة الأولى منها. هذه التطورات تفتح نافذة للأمل، لكنها لا تعني بالضرورة انتهاء الصراع فورًا، إذ لا تزال هناك عقبات لوجستية وسياسية كبيرة، منها نزع سلاح حماس، وضمان الانسحاب الإسرائيلي، وتوقيت تنفيذ البنود المختلفة للاتفاق.
دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إسرائيل إلى التوقف عن القصف، بعد موافقة حماس على إطلاق سراح الرهائن وقبولها بعض النقاط الرئيسية في خطة السلام. من جانبها، أعلنت إسرائيل أنها ستباشر “التنفيذ الفوري” للمرحلة الأولى من الخطة، بعد موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عليها خلال زيارته لواشنطن.
وعلى الرغم من هذا التقدم، تبقى العديد من التحديات قائمة. فالجدول الزمني الدقيق للتنفيذ لم يُحدد بعد، وبعض الجوانب اللوجستية قد تكون معقدة بسبب الدمار الهائل الذي أصاب غزة. بالإضافة إلى ذلك، تظل قضايا حساسة مثل نزع سلاح حماس والانسحاب الإسرائيلي غير محسومة، ما يزيد من احتمالية استمرار النزاع إذا لم يتم حلها بسرعة. وكانت محاولات وقف إطلاق النار السابقة قد فشلت، إذ انتهت بفشل الهدنة واستئناف القتال بين الطرفين.
هذا بخلاف أنه حتى الآن لم تتوقف العمليات العسكرية بشكل كامل. على الرغم من دعوة ترامب لوقف الهجمات الجوية وفترة هدوء يوم السبت، بعد يوم من رد حماس على خطة السلام الأميركية، ولم تظهر دلائل ملموسة على انخفاض مستمر في الغارات، واستمرت حصيلة القتلى في الارتفاع، حيث سقط العشرات منذ إعلان حماس عن موافقتها الجزئية على الخطة يوم الجمعة. ومن المتوقع أن تجتمع الأطراف المفاوضة في مصر يوم الاثنين، لإجراء محادثات تهدف إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام، وتحقيق تقدم نحو إنهاء الحرب.
من الممكن ذلك. فقد أكد ترامب عزمه على إنهاء الصراع عبر خطة تضم عشرين بندًا، مشددًا على أن هدفها لا يقتصر على غزة، بل يسعى لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بشكل أوسع. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تأتي بعد فشل محاولتين سابقتين لوقف إطلاق النار، إحداهما بعد بداية الحرب في 2023، والأخرى في وقت سابق من العام الحالي، حيث لم تستمر أي منهما سوى أسابيع قليلة قبل تجدد العنف. وهناك عقبات جديدة قد تعترض الطريق هذه المرة أيضًا.
وترك رد حماس عددًا من القضايا الأساسية دون حل، على رأسها مسألة نزع السلاح، وهو مطلب رئيسي في خطة ترامب وأحد أهداف إسرائيل الأساسية في الحرب. من جهة أخرى، أبدى نتنياهو موافقته على الخطة، رغم أنها تفتح إمكانية مشروطة لإقامة دولة فلسطينية مستقبلًا، وهو أمر أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه لن يسمح به مطلقًا. وتتضمن القضايا الأخرى التي لم تُحل بعد توقيت وحدود الانسحاب الإسرائيلي، فضلًا عن شكل الحكم المستقبلي لقطاع غزة.
ويقول أورين سيتر، الزميل البارز في مركز بيلفر بجامعة هارفارد، والرئيس السابق لقسم التخطيط الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، إن قدرة ترامب على جذب الأطراف للموافقة على المشاركة في الخطة تمثل إنجازًا مهمًا، لكنه أضاف: “هذا مجرد بداية العملية، وليست نهايتها”. ولم تحدد خطة ترامب إطارًا زمنيًا واضحًا، واكتفت بالإشارة إلى أن الحرب ستنتهي فور موافقة الطرفين عليها. لكن رد حماس لم يشمل الموافقة على جميع النقاط العشرين، بل أعلنت أنها ستشارك في “مفاوضات عبر وسطاء لمناقشة تفاصيل التنفيذ”.
وكانت الخطة تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء وأموات، خلال 72 ساعة من قبول إسرائيل العلني للاتفاق، لكن لم يتضح متى سيبدأ العد التنازلي للموعد النهائي، خاصة أن موافقة نتنياهو على الجدول الزمني تمت قبل أيام من رد حماس. وبالنسبة للتحديات اللوجستية، تشير مصادر مقربة من حماس إلى أن تحرير الرهائن الأحياء سيكون أسهل نسبيًا، بينما قد يستغرق استرجاع جثث القتلى وسط أنقاض غزة وقتًا أطول. وتقول إسرائيل إن 48 رهينة من أصل 251 ما زالوا محتجزين في القطاع، منهم 20 على قيد الحياة.
كلا الجانبين يبدو أنهما يسعيان لإظهار استجابة إيجابية تجاه خطة ترامب، لكن لكل منهما اعتبارات سياسية داخلية. فقد وافق نتنياهو على الخطة مع حرصه على الحفاظ على دعم الولايات المتحدة، وتقليل التنازلات لتجنب غضب شركائه في الائتلاف القومي والديني الذين كانوا معارضين لأي اتفاق مع الفلسطينيين. أما حماس، فإن موافقتها الجزئية، التي تضمنت إطلاق سراح الرهائن مع ترك قضايا أخرى عالقة، سمحت لها بإعادة التركيز على الوسطاء الإقليميين مثل قطر ومصر، ودول عربية وإسلامية أخرى كانت تضغط على الولايات المتحدة لإنهاء الصراع، بحسب المحلل أمجد عراقي من مجموعة الأزمات الدولية.
وتُعرف استراتيجية حماس هذه بـ “نعم و/نعم لكن”، ما يتيح لها التحكم في جدول المفاوضات وتحويل الضغط إلى الجانب الإسرائيلي والدولي.
فيما يلي أبرز المواقف التي أعلنتها حماس مقارنة بخطة ترامب:
إطلاق سراح الرهائن.. أكدت حماس استعدادها لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات وفقًا للخطة، لكنها أشارت إلى الحاجة لتوافر “شروط ميدانية” لم تحددها بعد.
الانسحاب الإسرائيلي.. أبدت حماس قبولها بإطار إنهاء الحرب، مشيرة إلى “انسحاب كامل” لإسرائيل، بينما نصت خطة ترامب على انسحاب مرحلي للقوات الإسرائيلية استعدادًا لتسليم الرهائن.
الحكم المستقبلي لغزة.. أعلنت حماس استعدادها لتسليم الإدارة إلى سلطة فلسطينية تكنوقراطية بدعم عربي وإسلامي، بينما الخطة الأميركية كانت تنص على إشراف دولي بقيادة ترامب ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير.
مستقبل حماس.. أكدت الحركة أنها جزء من “إطار وطني فلسطيني شامل” لكنها لم تعلق على مسألة نزع السلاح، على عكس خطة ترامب التي تمنع أي دور لحماس في إدارة غزة وتنص على نزع السلاح.