كشفت وثائق ومصادر أمنية أوروبية رفيعة المستوى لوكالة “رويترز” أن خبراء صينيين في مجال الطائرات المسيّرة قد سافروا إلى روسيا للمشاركة في أعمال تطوير فنية متقدمة لتقنية المسيرات العسكرية، وذلك داخل منشآت تابعة لشركة أسلحة روسية مملوكة للدولة وتخضع لعقوبات غربية مشددة.
وتُظهر هذه الأدلة مستوى جديدًا من التعاون بين بكين وموسكو في قطاع أصبح يمثل عنصرًا حاسمًا في الحرب الروسية الأوكرانية.
ويأتي هذا الكشف في الوقت الذي تزايدت فيه المخاوف الأمريكية والأوروبية بشأن قيام شركات صينية بتزويد مصنّعي الأسلحة الروس بالمكونات والتقنية، حيث فرضت الحكومات الغربية عقوبات على بعض هذه الشركات.
ورغم أن وزارة الخارجية الصينية نفت علمها بهذا التعاون، مؤكدةً على موقفها “الموضوعي والمحايد” من الأزمة الأوكرانية وتشديدها على أنها “لا تقدم أسلحة فتاكة لأي طرف في النزاع وتسيطر بصرامة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك صادرات المسيرات”، إلا أن الأدلة الجديدة ترسم صورة مغايرة تمامًا.
أظهرت الوثائق التي اطلعت عليها وكالة “رويترز”، والتي تشمل فواتير تجارية وكشوفات حسابات مصرفية، أن الخبراء الصينيين زاروا شركة “IEMZ Kupol” الروسية لصناعة الأسلحة في أكثر من 6 مناسبات منذ الربع الثاني من العام الماضي.
وتُظهر هذه الزيارات المتكررة انخراطًا عميقًا ومستمرًا في عمليات التطوير والاختبار داخل روسيا، وليس مجرد توريد للمعدات.
وبالتزامن مع هذه الزيارات، تلقت شركة “كوبول” شحنات من المسيرات الهجومية والاستطلاعية صينية الصنع عبر شركة وسيطة روسية تُدعى “TSK Vektor”، وهي شركة مشتريات دفاعية تخضع أيضًا للعقوبات الأمريكية والأوروبية.
وتصف تقارير داخلية لشركة كوبول، اختبارات طيران لطائرات مسيّرة من طرازات A60 و A100 و A200 في موقع التجارب العسكرية “تشيباركول” بمنطقة تشيليابينسك الروسية خلال الربع الأخير من عام 2024.
وذكرت إحدى وثائق كوبول أن مجموعة من الخبراء الصينيين زاروا منشآت الشركة في مدينة إيجيفسك لتجميع المسيرات وتدريب موظفي كوبول على استخدامها، قبل أن يتوجهوا إلى موقع التجارب للإشراف على الاختبارات.
ولم يقتصر التعاون على شركة صينية واحدة، حيث أظهر تقرير اختبار طيران آخر، وافقت عليه كل من كوبول و”TSK Vektor”، تقييمًا لأداء طائرة مسيّرة من طراز HW52V، وهي من صنع شركة “Hunan Haotianyi” الصينية.
وتتميز هذه الطائرة بقدرتها على الإقلاع والهبوط العمودي ويمكن استخدامها عسكريًا للمهام الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، وكذلك كطائرة مسيّرة هجومية.
وتحدد وثيقة أخرى من كوبول أن الغرض من إحدى زيارات الخبراء في الربع الثالث من العام الماضي كان “تكييف حاسوب صيني جديد للتحكم في الطيران ومحرك جديد” لاستخدامهما في طائرة “غاربييا” المسيّرة التي تنتجها كوبول بآلاف الوحدات باستخدام مكونات صينية، وهي مصممة على غرار طائرات “شاهد” الإيرانية.
كما أشارت رسالة أخيرة تصف زيارة للخبراء في الربع الثالث من عام 2025 أنهم سيعملون أيضًا على طائرة مسيّرة جديدة يشار إليها باسم GA-21، والتي يعتقد المسؤولون الأوروبيون أنها نسخة من طائرة “شاهد-107” الإيرانية.
وفي تعليقه على هذه التطورات، قال صامويل بينديت، الزميل البارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن الصين أصبحت جزءًا حيويًا من سلسلة التوريد العسكرية لروسيا، وأضاف: “هناك دور وتأثير وتأثير هائل للمكونات الصينية في الأنظمة العسكرية الروسية… خاصة في المسيرات الجوية”.