في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط خصوصًا بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على العاصمة القطرية الدوحة، أظهرت مصر قدرتها على اتخاذ إجراءات سريعة لتعزيز أمنها القومي، وذلك من خلال نشر منظومات دفاع جوي متطورة في شبه جزيرة سيناء، وهو ما يعكس مستوى اليقظة العالية للجيش المصري واستراتيجيته في مواجهة أي تهديد محتمل.
وأفادت تقارير إعلامية بأن القاهرة قامت بنقل بطاريات صواريخ بعيدة المدى صينية من نوع HQ-9B إلى مواقع محددة في سيناء، وذلك عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطر. ويعتبر هذا النظام من أحدث منظومات الدفاع الجوي البعيدة المدى، ويتيح تغطية مناطق واسعة دون الحاجة لنقل البطاريات إلى قلب الصحراء، ما يوضح استراتيجية مصر في التوازن بين القدرة التشغيلية والتوزيع الاستراتيجي للمنظومات، كما أشار إلى ذلك الخبير العسكري اللواء سمير فرج.
أوضح تقرير موقع “ميدل إيست آي” أن الهدف من نشر هذه المنظومات لا يقتصر على الاستعداد لمواجهة أي هجوم محتمل على الأراضي المصرية فقط، بل يسعى أيضًا إلى توجيه رسالة قوية وواضحة للردع على المستوى الإقليمي. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن توقيت نشر هذه الأنظمة جاء متزامنًا مع الغارة الإسرائيلية التي استهدفت وفد حركة حماس في قطر، وهو ما يتيح للقاهرة إمكانية رصد أي تهديد محتمل والتعامل معه داخل حدودها دون الانجرار إلى صدام مسلح مباشر مع أي طرف خارجي.
تكتسب هذه الخطوة أهمية إضافية بالنظر إلى الأنباء المتضاربة حول محاولات إسرائيلية مزعومة لاستهداف عناصر من حركة حماس داخل مصر، وهو الأمر الذي نفت السلطات المصرية وقوعه رسميًا. وبينما ركزت وسائل الإعلام على العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطر، تأتي جهود مصر في نشر وتعزيز منظومات الدفاع الجوي لتأكيد حرصها على حماية حدودها وسيادة أراضيها، كما تعكس مستوى التنسيق والاستعداد العالي الذي تتمتع به الدولة لمواجهة أي سيناريو محتمل قد يهدد أمنها الوطني.
يعتبر نظام الدفاع الجوي HQ-9B أحدث إصدار من سلسلة منظومات HQ-9 بعيدة المدى، ويشكل عنصرًا محوريًا في هيكل الدفاع الجوي الاستراتيجي للصين. صُمم هذا النظام لمواجهة طيف واسع من التهديدات الجوية، بما يشمل الطائرات المقاتلة الحديثة، والطائرات المسيرة، وصواريخ كروز، ويهدف بشكل أساسي إلى حماية المجال الجوي الوطني وتأمين المواقع الحساسة والاستراتيجية على حد سواء. ويبلغ مدى راداره أكثر من 300 كيلومتر، فيما تصل مسافة الصواريخ الاعتراضية إلى نحو 200 كيلومتر، ما يوفر تغطية جوية واسعة وقدرة ردع طويلة المدى.
ولا يُعد HQ-9B مجرد تحسين للنسخة السابقة HQ-9، بل يمثل نقلة نوعية في تطوير القدرات الدفاعية البعيدة المدى للصين. فهو يضم مجموعة متقدمة من الرادارات الحديثة والصواريخ عالية الأداء، ويتميز بقدرته على العمل بفعالية في بيئات إلكترونية مشوشة ومعقدة، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في أي خطة دفاع جوي متطورة. كما يمثل النظام إضافة استراتيجية لأي قوة عسكرية تسعى لتعزيز أمن سمائها والحماية من مختلف أنواع التهديدات الجوية المتقدمة والمتنوعة.
واتهم موقع Nziv العبري، مصر بانتهاك اتفاقية السلام مع الكيان المحتل بسبب إدخال بطاريات صواريخ بعيدة المدى إلى سيناء، قائلًا إنه يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تشهدها شبه الجزيرة في الوقت الحالي، وزعم أن القاهرة تتجاهل الاحتجاجات الإسرائيلية والمطالبات المتكررة بالعودة عن هذه الخطوات. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب، لكنها لم تظهر أي قدرة واضحة على التأثير في مجريات الأمور حتى الآن.
وفي سياق متصل، تناقلت وسائل الإعلام أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يفكر في إلغاء اتفاقية الغاز الأخيرة مع مصر بقيمة 35 مليار دولار، كوسيلة للضغط لإعادة الوضع في سيناء إلى طبيعته، إلا أن هذه الخطوة تبدو غير مرجحة في الوقت الحالي. وبذلك تكون الحكومة الإسرائيلية قد أهدرت فرصة مهمة، ما يعرض أمن إسرائيل لمخاطر محتملة نتيجة الفرصة الضائعة.
اقرأ أيضًا:
هآرتس تهاجم نتنياهو: يرتكب “جريمة حرب”ويهدد السلام مع مصر
مصر تبحث مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبل استئناف المفاوضات النووية
إنفوجرافيك| البيان الختامي لـ “قمة الدوحة”.. رسائل قوية في وجه الاحتلال