logo alelm
بعد تفعيل بولندا لها.. ماذا تعني المادة الرابعة لميثاق الناتو؟

أعلنت بولندا، يوم الأربعاء، تفعيل المادة الرابعة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد أن رصدت سلطاتها 19 خرقًا لأجوائها من قِبل طائرات روسية بدون طيار. ويُعد هذا الإجراء بمثابة خطوة رسمية لإشعار الحلفاء بوجود تهديد مباشر للأمن القومي البولندي.

وخلال الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية المجاورة، تدخلت مقاتلات تابعة للناتو وأسقطت عددًا من المسيّرات الروسية التي اخترقت المجال الجوي البولندي، في أول عملية إطلاق نار من قِبل الحلف منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وأكدت وزارة الداخلية البولندية أنها عثرت لاحقًا على 16 طائرة مسيّرة سقطت في مناطق متفرقة داخل البلاد. وبناءً على هذه التطورات، اجتمع أعضاء الحلف لمناقشة ما وصفته وارسو بـ”الاستفزاز الروسي”، واعتبرته خطوة خطيرة تستدعي التشاور الجماعي.

ما مضمون المادة الرابعة في معاهدة الناتو؟

يقوم الحلف على مبدأ أن أي تهديد أمني لعضو من أعضائه يُعد مساسًا بأمن الجميع. وتنص المادة الرابعة تحديدًا على حق أي دولة عضو في طلب اجتماع لمجلس شمال الأطلسي – وهو أعلى جهة لصنع القرار داخل الناتو – إذا رأت أن سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو أمنها الوطني مهدد. وجاء في نصها: “سوف تتشاور الأطراف معًا عندما يرى أي منها أن السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي أو أمن أي من الأطراف معرض للتهديد”.

ومن الضروري تجنب الخلط بين هذه المادة والمادة الخامسة، التي تُعتبر الأساس الصلب للتحالف، وتنص على أن أي اعتداء مسلح على عضو واحد سيُعتبر هجومًا على جميع الأعضاء، بما يفرض عليهم تقديم الدعم العسكري الفوري. أما المادة الرابعة فهي ترتكز على مبدأ التشاور الذي قد يقود إلى قرارات أو تحركات مشتركة، علمًا بأن جميع قرارات الناتو تُتخذ بالإجماع. وانعقدت المشاورات التي طالبت بها بولندا صباح الأربعاء في مقر مجلس شمال الأطلسي في بروكسل، حيث بحث ممثلو الدول الأعضاء التداعيات المحتملة للانتهاكات الروسية.

الموقف البولندي والروسي

أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن نسبة كبيرة من المسيّرات دخلت بولندا عبر الحدود مع بيلاروسيا، واصفًا ما حدث بأنه “اختراق غير مسبوق”. وشدد على أن بلاده لجأت إلى المادة الرابعة لعرض الموقف على الحلفاء. كما أوضح مسؤولون بولنديون أن العدد الكبير من المسيّرات لا يترك مجالًا للشك في أن ما جرى كان عملاً متعمدًا من روسيا. وكشف الادعاء العام البولندي أن بعض الطائرات التي تم العثور عليها هي نسخ روسية من طائرة “شاهد” الإيرانية التصميم، والمعروفة باسم “جيربيرا”.

وفي كلمة أمام البرلمان، شدد توسك على أن بولندا ليست في حالة حرب، لكنها باتت أقرب إلى الصراع المباشر أكثر من أي وقت منذ الحرب العالمية الثانية، مؤكدًا أن بلاده تواجه “خصمًا لا يخفي عداءه”. من جانبه، اعتبر الرئيس البولندي كارول ناوروكي أن هذه الحوادث كانت بمثابة اختبار لقدرة بولندا وحلفائها في الناتو على الردع، قائلًا: “لقد اجتزنا هذا الاختبار بنجاح وأثبتنا قدرتنا على المواجهة”.

واتخذت القوات المسلحة البولندية إجراءات عاجلة، حيث فرضت قيودًا على حركة الطيران في شرق البلاد حتى التاسع من ديسمبر/كانون الأول. كما أعلنت وارسو أن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة طارئة لمناقشة الهجمات الروسية بالطائرات المسيرة. في المقابل، أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانًا نفت فيه استهداف أي مواقع بولندية، مشيرة إلى أن الضربة التي نُفذت ليلة الأربعاء كانت موجهة حصريًا ضد أوكرانيا، وأن الطائرات المسيّرة المستخدمة لا يتجاوز مداها 700 كيلومتر. ووصفت موسكو ما أعلنته بولندا بأنه “مزاعم متكررة لا أساس لها، هدفها تأجيج الأزمة الأوكرانية”.

سوابق تفعيل المادة الرابعة

لم تُفعل المادة الرابعة من معاهدة الناتو إلا في حالات نادرة منذ تأسيس الناتو عام 1949، حيث استُدعيت سبع مرات فقط. وكانت بولندا ودول أوروبية أخرى قد لجأت إليها في فبراير 2022 عقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. كما استدعتها وارسو في مارس 2014 عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتصاعد التوترات في محيطها.

أما الاستخدام الأكثر تكرارًا للمادة الرابعة فجاء من جانب تركيا، التي طلبت مشاورات بسبب التهديدات القادمة من العراق وسوريا. وكان آخر تفعيل تركي لها في يوليو 2015 عقب هجمات إرهابية داخل البلاد. من جانبه، قال الأمين العام للحلف مارك روته، عقب اجتماع مجلس شمال الأطلسي، إن الحلفاء أكدوا تضامنهم مع بولندا وأدانوا السلوك “المتهور” لروسيا. وأضاف أن الحلف بصدد إجراء تقييم شامل للحادث، مشيرًا إلى أن “الانتهاك الأخير ليس حدثًا منفردًا بل جزءًا من نمط متكرر”.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

مجلس الأمن يدين ضربات الدوحة بدعم أميركي غير مسبوق