أبدت مصادر أمنية واستخباراتية داخل إسرائيل، في الساعات الممتدة من مساء الثلاثاء حتى فجر الأربعاء، تشاؤمًا بشأن ما تحقق من نتائج الضربة الإسرائيلية على الدوحة، مشيرة إلى أن المعلومات الأولية لا تؤكد إصابة الأهداف الرئيسية. وأوضح اثنان من تلك المصادر أنهما لا يعتقدان أن معظم القيادات التي كان يفترض أن تُستهدف قد قُتلت، وربما لم يُصب أي منهم.
ومع ذلك، شددا على أن التقييمات لا تزال جارية، وأن جمع الأدلة وتحليل الأضرار لم يكتمل بعد. وفي المقابل، رأى مصدر ثالث أن أحد الأهداف تحقق بالفعل، وهو بث الخوف في نفوس قادة حماس، وتأكيد أن لا مكان آمن لهم حتى في الدوحة.
في الساعات الأولى عقب الضربة على قطر، كان المزاج مختلفًا داخل أجهزة الأمن. فالمخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام (الشاباك) وسلاح الجو عبّروا عن تفاؤل كبير، خاصة أن العملية جرى تنفيذها بعد بدء الاجتماع، مع توفر تأكيدات قوية على وجود معظم القادة داخل المبنى. كما أن الضربة الجوية أصابت الهدف بدقة وألحقت بالمبنى أضرارًا جسيمة، ما عزز الاعتقاد بأن العملية حققت نجاحًا كبيرًا.
لكن هذا التفاؤل تبدّد لاحقًا حين أصدرت حركة حماس بيانًا أعلنت فيه فشل الضربة “فشلًا ذريعًا”، مشيرة إلى مقتل مدير مكتب القيادي خليل الحية، ونجله أبو بلال، وثلاثة من مرافقيه، إضافة إلى شرطي قطري، بينما تمكن عدد من القادة البارزين من الفرار بعد أن وصلهم تحذير قبل ثوانٍ من القصف. ورغم أن بيانات الحركة ليست دائمًا محل ثقة، إلا أن مراقبين يرون صعوبة في أن تعلن الحركة معلومات من هذا النوع إذا كانت قابلة للتكذيب السريع. وزاد من مصداقية هذه الرواية ما أكدته بعض المصادر في دول الخليج، مقابل صمت إسرائيلي وتأخر في إصدار تقرير رسمي لتقييم نتائج العملية.
وبات السؤال الذي يفرض نفسه داخل المؤسسة الأمنية هو: كيف يمكن أن تفشل ضربة كهذه؟ فقد أُسقطت قنابل ثقيلة بشكل مباشر على الهدف، وكان من المستبعد أن يخرج أي شخص حيًا إذا كان داخل المبنى. وإذا صحّت رواية أن القادة لم يكونوا هناك، فإن التساؤل ينتقل إلى مرحلة ما قبل التنفيذ: كيف حصل خطأ في التأكد من وجودهم؟ وما الذي جرى بين لحظة الموافقة على العملية، حين كانت المعلومات تشير إلى اجتماع قيادي، ولحظة سقوط القنابل؟.
زاد الغموض بعد تصريحات ترامب التي كتب فيها أن القرار لم يكن بيده، وأن تنفيذ هجوم أحادي الجانب داخل قطر، الدولة الحليفة للولايات المتحدة والتي تلعب دور الوسيط في المنطقة، لا يخدم لا المصالح الأمريكية ولا الإسرائيلية. لكنه في الوقت نفسه وصف القضاء على حماس بأنه “هدف نبيل”، قبل أن يكشف أنه وجّه مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف إلى إبلاغ القطريين بالضربة، لكن التحذير جاء متأخرًا، وفات الأوان لتجنبها.
وأثار هذا التصرف استغراب مسؤولين إسرائيليين، إذ علّق أحدهم قائلًا: “في لحظة حساسة، حين سلّمت واشنطن معلومات استراتيجية بالغة السرية عن عملية موجهة ضد ألد أعدائنا، نقل ترامب المعلومة مباشرة إلى الطرف المستهدف. كانت النتيجة أن التحذير وصل في اللحظة الأخيرة، لكن الوقت لم يسعف لتغيير مسار الأحداث، ليبقى الندم وحده حاضرًا”.