logo alelm
البرلمان الفرنسي يطيح بحكومة بايرو وسط غضب شعبي

قرر البرلمان الفرنسي مساء اليوم الإثنين، سحب الثقة من رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، بعد مواجهة محتدمة حول خطته المالية المثيرة للجدل، إذ صوّت 364 نائبًا على رفض بقاءه، مقابل 194 فقط دعموا استمرار حكومته، وهو فارق واسع تجاوز بكثير العتبة المطلوبة لإقالته.

وتمثلت الشرارة التي أشعلت المواجهة السياسية في فرنسا في مشروع تقشفي بحجم 44 مليار يورو، طرحه بايرو لمواجهة أزمة الدين والعجز المتفاقم. وتضمنت الخطة إجراءات قاسية على الشارع الفرنسي، مثل: إلغاء يومين من العطل الرسمية، وتجميد الإنفاق الحكومي على قطاعات أساسية، وفرض سياسة تقشفية تهدد بمزيد من الضغط على الأسر المتضررة أصلًا من ارتفاع تكاليف المعيشة.

وأثارت هذه الإجراءات رفضًا واسعًا من جميع الكتل السياسية، يمينًا ويسارًا، التي رأت فيها تهديدًا للنمو الاقتصادي وضربًا للعقد الاجتماعي مع الأجيال الشابة. وبذلك تحول الملف المالي إلى نقطة إجماع نادرة بين خصوم متناحرين.

أزمة سياسية متكررة في فرنسا

لم يكن سقوط بايرو حدثًا جديدًا، بل استمرارًا لمسلسل انهيارات حكومية في ظل برلمان متناحر. فهو ثاني رئيس وزراء يُطاح به خلال أقل من عام، بعد فشل سلفه ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي، ما يكشف حجم المأزق الذي يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون. وتعود جذور الأزمة السياسية الراهنة إلى قرار ماكرون المفاجئ العام الماضي بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة عقب صعود اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي. وكانت النتيجة برلمانًا منقسمًا بلا أغلبية مستقرة.

وفي خضم هذا الانقسام عزز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف موقعه كقوة أولى صاعدة، فيما حصد اليسار المتشدد مقاعد إضافية. وتراجعت الكتلة الوسطية التابعة لماكرون بشدة. وجعل هذا التوازن الهش أي حكومة وسطية، مثل حكومة بايرو، مكشوفة أمام تصويت بسحب الثقة بمجرد طرح سياسات مثيرة للجدل.

التداعيات الاقتصادية والسياسية

أرسلت الإطاحة ببايرو إشارات مقلقة للأسواق، إذ قفزت عوائد السندات الفرنسية متجاوزة نظيراتها في إسبانيا والبرتغال واليونان. كما يُنتظر صدور تقييم جديد للتصنيف الائتماني الفرنسي، والذي قد يحمل تخفيضًا إضافيًا يفاقم المخاوف بشأن استقرار ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وعلى الجانب السياسي، بات على الرئيس الفرنسي تعيين رئيس وزراء جديد، إلا أن خياراته ضيقة، فأي شخصية من الوسط ستواجه المعارضة ذاتها. كما أن تعيين من اليمين سيصطدم برفض اليسار، والعكس صحيح. فيما قد يمنح إجراء انتخابات مبكرة التجمع الوطني تقدمًا أكبر، وهو سيناريو يُنذر بتغيير موازين السلطة جذريًا. ومن المتوقع أن يقدم بايرو استقالته رسميًا صباح الثلاثاء، فيما تستعد النقابات العمالية واليسار المتطرف لتحركات احتجاجية واسعة تحت شعار “لنوقف كل شيء”. ومع تصاعد الغضب الشعبي والأزمة الاقتصادية والضغوط الجيوسياسية الخارجية، تبدو فرنسا مقبلة على مرحلة طويلة من عدم اليقين السياسي.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| الدول الجاذبة للاستثمارات السعودية

المقالة التالية

رسالة مزعومة من ترامب لإبستين تُشعل الجدل في الكونغرس