تقترب أوروبا من إعادة فرض العقوبات على إيران في خطوة وُصفت بأنها تصعيدية تجاه طهران بسبب تجاوزاتها في برنامجها النووي، حيث أكد ثلاثة مسؤولين أوروبيين لشبكة CNN أن ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة ستبدأ غدًا الخميس عملية إعادة فرض العقوبات الدولية وفق آلية “سناب باك” المنصوص عليها في اتفاق 2015 النووي.
وأوضح المسؤولون أن العملية ستستغرق 30 يومًا حتى تدخل حيز التنفيذ الكامل، مع ترك الباب مفتوحًا أمام إيران لوقف التصعيد والانخراط بجدية في المفاوضات الدبلوماسية والسماح بعمليات التفتيش الدولية خلال هذه الفترة.
لم تتأخر إيران في الرد على الخطوة الأوروبية، ملوحة بعواقب وخيمة في حال تفعيل العقوبات على إيران، واعتبرت طهران أن تطوير برنامجها النووي يأتي ضمن أغراض سلمية، فيما تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن مستوى التخصيب والتطوير تجاوز بكثير حدود الاتفاق النووي الأصلي.
وكان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، قد صرح بأن “العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية أصبحت شبه مستحيلة”، في إشارة إلى تعقيد المفاوضات الحالية.
أكد مصادر أوروبية أن الجهود الدبلوماسية لإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات خلال الأيام الأخيرة لم تحقق تقدمًا ملموسًا، كما أن صلاحية استخدام آلية “سناب باك” لتفعيل العقوبات على إيران تنتهي في أكتوبر المقبل، ما يضع ضغطًا إضافيًا على الأطراف كافة.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن هذه الآلية تمثل “أداة ضغط قوية جدًا على النظام الإيراني”، مشيرًا إلى تنسيق وثيق بين واشنطن والدول الأوروبية الثلاث بشأن الخطوة المقبلة.
رغم أجواء التصعيد، شهدت الساحة النووية تطورًا بارزًا مع عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، وأعلن جروسي أن فرق التفتيش زارت محطة بوشهر للطاقة النووية اليوم الأربعاء لمراقبة عمليات استبدال الوقود.
وأكد أن التعاون بين الوكالة وإيران لا يزال قائمًا بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاق الضمانات، على الرغم من التوترات، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن “توسيع نطاق التفتيش أو تقليصه مرهون بالقرارات السياسية لطهران”.
كشفت مصادر إيرانية أن طهران تدرس عدة خيارات في حال استمرار الضغط الدولي، من بينها الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أو فرض مزيد من القيود على عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لكن جروسي، في تصريحاته الأخيرة، أشار إلى أن أمام الأطراف شهرًا كاملًا قبل دخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ، ما يمنح فرصة لإحداث انفراجة إذا تم استغلال الوقت المتبقي للحوار.
الأزمة الحالية تأتي بعد تصاعد التوترات العسكرية في يونيو، حين شنت إسرائيل ضربات على منشآت نووية إيرانية، تبعها رد إيراني على مدن إسرائيلية. كما شاركت الولايات المتحدة في تلك المواجهات بضربات على ثلاثة مواقع إيرانية.
هذا التصعيد أدى إلى انسحاب فرق التفتيش الدولية مؤقتًا من إيران بسبب ما وصفته الوكالة بـ”ظروف الحرب”، قبل أن تستأنف عملها مؤخرًا بعد موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
في الداخل الإيراني، أثار قرار السماح للمفتشين بزيارة بعض المواقع النووية جدلًا سياسيًا، فقد اعتبر نواب في البرلمان أن القرار يمثل “انتهاكًا للقانون” الذي يلزم الحكومة بوقف التعاون مع الوكالة الدولية.
كما انتقد بعض البرلمانيين تصريحات رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، التي لمح فيها إلى إمكانية التعاون الجزئي مع فرق التفتيش، واصفينها بأنها “تنازل غير مقبول” في ظل التهديدات الأوروبية بإعادة فرض العقوبات على إيران.
تبقى الأيام الثلاثون المقبلة حاسمة في تحديد مسار الأزمة، فبينما تضغط أوروبا والولايات المتحدة لتفعيل العقوبات على إيران، تحاول طهران اللعب بأوراقها الدبلوماسية والعسكرية لانتزاع تنازلات.
لكن المؤشرات الحالية توحي بأن العودة إلى اتفاق 2015 باتت بعيدة المنال، ما ينذر بمزيد من التعقيد في المشهدين النووي والإقليمي، خاصة إذا مضت الأطراف في خطواتها دون أي تنازلات متبادلة.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
مينيابوليس ليست الأولى.. 44 حادث إطلاق نار في المدارس الأمريكية خلال 2025
من فاغنر إلى فيلق أفريقيا.. خطة بوتين الجديدة في القارة السمراء