في خطوة دبلوماسية نادرة، وجّه نحو 60 نائباً في البرلمان الأوروبي رسالة رسمية إلى أعلى المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، مطالبين بـ”ردّ أوروبي واضح وصارم” على التصويت الذي أجرته الكنيست الإسرائيلية قبل أيام لدعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة. وصف النواب هذا التحرك بأنه “تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي” يكرّس واقعًا من الضم الفعلي والعنصرية والتطهير السكاني ويكشف عن مخطط ضم الاحتلال للضفة الغربية.
عبّرت الرسالة التي وُجّهت إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوشتا، والممثلة العليا للسياسة الخارجية كايا كالاس، عن الرفض القاطع لما وصفه النواب بـ”محاولة تطبيع الضم تحت غطاء السيادة”. طالب النواب الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن التعامل مع هذه الخطوة باعتبارها شأناً سياسياً قابلاً للتفاوض، مؤكدين أنها قضية قانونية واضحة.
الرسالة أوضحت أيضًا أن تصويت الكنيست في 23 يوليو، رغم عدم كونه ملزماً قانونياً، إلا أنه يحمل دلالات سياسية واضحة ويُعد استمراراً في سياسة الضم التدريجي وتوسيع المستوطنات. هذه السياسة تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والديموغرافي للأراضي المحتلة في تجاهل تام لقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف.
استند النواب الأوروبيون إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، والذي خلص إلى أن الاحتلال الإسرائيلي المطوّل للأراضي الفلسطينية بات غير قانوني، وأن تصرفات إسرائيل ترقى إلى ضم فعلي وقانوني. دعت المحكمة جميع الدول إلى عدم الاعتراف أو دعم هذا الوضع، باعتبار ذلك التزامات قانونية ملزمة وليس مجرد مواقف سياسية.
الرسالة دعت إلى مراجعة شاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي بإسرائيل، خاصة فيما يتعلق باتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية، كما أكد النواب أن الاتفاقية يجب ألا تُطبّق بأي شكل يضفي شرعية على الضم، مشيرين إلى أن المادة الثانية من الاتفاقية تشترط احترام حقوق الإنسان كأساس للتعاون.
النواب طالبوا في رسالتهم بحظر أي نشاط اقتصادي يُسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية الضم، بما في ذلك التجارة في منتجات المستوطنات. ودعوا إلى دعم آليات المساءلة الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية ومتابعة مخرجات محكمة العدل الدولية.
كما وجّه النواب انتقاداً حاداً لما وصفوه بـ”انتقائية تطبيق القانون الدولي” من قبل الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أن “الصمت أمام الضم التشريعي هو تواطؤ يضرب مصداقية أوروبا كمؤسسة قائمة على احترام القوانين”. هذا الموقف يعكس تزايد الضغوط على المؤسسات الأوروبية لاتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه السياسات الإسرائيلية.
النواب الأوروبيون ختموا رسالتهم بالدعوة إلى “تحرك أوروبي ملموس يتناسب مع خطورة الخطوة الإسرائيلية” بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات المبدئية، وأكدوا أن “الدفاع عن القانون الدولي يتطلب أفعالاً لا أقوالاً فقط”، مما يضع ضغطاً متزايداً على قيادة الاتحاد الأوروبي لترجمة المواقف السياسية إلى إجراءات عملية فعّالة.