logo alelm
مواعيد ترامب النهائية.. هل إنذار روسيا الأخير مجرد مناورة أخرى؟

في إعلان جديد مثير للجدل، قلّص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المهلة التي منحها لروسيا لإظهار جدية في محادثات السلام بشأن أوكرانيا من 50 يومًا إلى ما بين 10 إلى 12 يومًا فقط. هذا الإنذار، الذي يهدد بفرض رسوم جمركية وعقوبات صارمة، يثير سؤالًا جوهريًا في دوائر السياسة الخارجية وهو هل يمثل هذا الموعد النهائي نقطة تحول حقيقية في موقف إدارة ترامب، أم أنه مجرد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المواعيد النهائية المرنة التي أصبحت سمة مميزة لأسلوبه التفاوضي؟.

وتأتي هذه التساؤلات على خلفية سجل الرئيس الحافل بالتهديدات التي لا يتم الالتزام بها يثير شكوكًا عميقة حول مصداقية هذا التحذير الأخير الموجه إلى روسيا.

سياسة ترامب في استخدام المواعيد النهائية

يتميز أسلوب الرئيس ترامب في السياسة الخارجية بنمط متكرر من وضع خطوط حمراء ومواعيد نهائية قصيرة، غالبًا ما تكون “أسبوعين”، ثم تركها تمر دون عواقب تذكر. ومن المفارقات أن ترامب نفسه كان من أشد منتقدي سلفه باراك أوباما عندما وضع “خطًا أحمر” لسوريا ثم تراجع عنه، واصفًا إياه بأنه قرار جعل العالم يدرك أن كلمته “لا تعني شيئًا على الإطلاق”. ورغم ذلك، يبدو أن إدارة ترامب تتبنى نفس النهج، حيث تبرر السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض هذه المواعيد النهائية المتغيرة بأنها تتعلق بـ”صراعات عالمية معقدة”. لكن هذا النمط يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الإنذارات أدوات ضغط حقيقية أم مجرد مناورات سياسية للاستهلاك الإعلامي.

سلسلة الإنذارات المتغيرة لروسيا بشأن أوكرانيا

يعتبر الصراع بين روسيا وأوكرانيا المثال الأبرز على استراتيجية المواعيد النهائية المتقلبة. فقبل الإعلان الأخير، شهدت الأشهر القليلة الماضية سلسلة من الإنذارات التي لم يتم الوفاء بها. في أواخر أبريل، طلب ترامب “أسبوعين” لتقييم المساعدات العسكرية لـ أوكرانيا، ثم “أسبوعين آخرين” لتقييم مدى ثقته بالرئيس الروسي. وفي مايو، تكرر السيناريو بطلب “أسبوع” ثم “أسبوعين” للحكم على جدية كييف وموسكو في إنهاء الحرب.

كل هذه المواعيد جاءت وذهبت دون أن يصدر ترامب حكمًا قاطعًا. وبدلًا من ذلك، قام في 14 يوليو بتمديد المهلة إلى 50 يومًا، قبل أن يقلصها فجأة في 28 يوليو إلى 10-12 يومًا، مبررًا ذلك بأنه “يعرف الإجابة بالفعل”. وتضعف هذه التقلبات المستمرة في الموقف من روسيا وأوكرانيا من قوة أي تهديد حالي.

السوابق الدولية.. كيف تعامل ترامب مع إيران وتيك توك؟

عززت بعض الملفات أخرى الشكوك حول جدية إنذار روسيا الأخير. ففي حالة إيران، حدد ترامب مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي، وعندما انقضت، أعلن عن “فرصة ثانية”. ثم حدد مهلة “أسبوعين” لاتخاذ قرار بشن ضربات، ليقوم بشنها بعد يومين فقط، مما يظهر أن مواعيده لا يمكن التنبؤ بها.

أما في قضية تيك توك، فقد تحولت المواعيد النهائية إلى سلسلة لا تنتهي من التأجيلات. فبعد تحديد مهلة 75 يومًا، قام بتمديدها مرتين، ثم مرة أخرى لمدة 90 يومًا، مبررًا ذلك بالحاجة إلى مزيد من الوقت. وخلال هذه الفترة، ادعى مرارًا أنه “قريب جدًا من التوصل إلى اتفاق” أو أنه “وجد مشتريًا”، دون أن يتحقق أي شيء ملموس. وقد أوضح ترامب لاحقًا أنه لا يرغب في إغلاق التطبيق، مما يقوض تمامًا موقفه التفاوضي.

ويضع السجل الحافل للرئيس ترامب يظهر أن مواعيده النهائية، سواء مع الخصوم مثل روسيا أو في قضايا تجارية، هي أدوات مرنة تخضع لحساباته السياسية. لذلك، وبينما يترقب العالم انتهاء مهلة الـ 12 يومًا، فإن الشكوك تظل هي السائدة حول ما إذا كان هذا الإنذار سيغير فعلًا مسار الحرب في أوكرانيا، أم أنه سيمر كغيره من الخطوط الحمراء التي رسمها ترامب ثم تجاوزها.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

المنتدى السعودي للإعلام 2026.. رؤية عالمية برعاية ملكية

المقالة التالية

دراسة تربط بين الولادة القيصرية وسرطان الدم لدى الأطفال