سجن راكيفيت.. حيث لا يرى الفلسطينيون الشمس أبدًا

نوفمبر ٨, ٢٠٢٥

شارك المقال

سجن راكيفيت.. حيث لا يرى الفلسطينيون الشمس أبدًا

كشفت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (PCATI) عن احتجاز السلطات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة في سجن راكيفيت، وهو معتقل معزول يقع بالكامل تحت الأرض، حيث لا يرى النزلاء فيه ضوء النهار أبدًا.

ووفقًا للمنظمة الحقوقية، يُحرم المعتقلون من الغذاء الكافي ويُمنعون تمامًا من تلقي أي أخبار عن عائلاتهم أو عن العالم الخارجي، في ظروف وصفتها اللجنة بأنها “ترقى إلى مستوى التعذيب”.

ويشمل المحتجزون في سجن راكيفيت مدنيين اثنين على الأقل، تم احتجازهما لأشهر دون توجيه تهم أو عرضهما على محاكمة.

وأوضحت اللجنة أن أحد الموكلين هو ممرض (34 عامًا) اعتُقل في ديسمبر 2023 أثناء عمله في مستشفى، والآخر بائع طعام شاب (18 عامًا) اعتُقل في أكتوبر 2024 أثناء مروره من حاجز إسرائيلي.

سجن راكيفيت المعاد افتتاحه لأهل غزة

أُعيد افتتاح سجن راكيفيت بأمر مباشر من وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023.

ويعود تاريخ هذا السجن إلى أوائل الثمانينيات، حيث خُصص في الأصل لاحتجاز عدد قليل (نحو 15 رجلًا) من أخطر شخصيات الجريمة المنظمة داخل الكيان المحتل، لكن السلطات قررت إغلاقه عام 1985 بناءً على توصية من رئيس مصلحة السجون آنذاك، رافائيل سويسا، الذي اعتبر في مذكراته أن احتجاز البشر تحت الأرض على مدار الساعة هو “أمر وحشي وغير إنساني” لا يمكن لأحد تحمله.

وكان بن غفير قد صرح لوسائل إعلام إسرائيلية بأن سجن راكيفيت يُعاد تأهيله خصيصًا لاحتجاز مقاتلي “النخبة” من حماس الذين شاركوا في هجمات 7 أكتوبر، ومقاتلي القوات الخاصة من حزب الله الذين أُسروا في لبنان.

لكن، وعلى الرغم من هذه التصريحات، أكدت المحامية جنان عبدو من (PCATI) أن “في حالة العملاء الذين زرناهم، نحن نتحدث عن مدنيين”، مشيرة أن الشاب البالغ من العمر 18 عامًا كان يعمل في بيع الطعام.

وتُظهر البيانات الإسرائيلية الرسمية التي حصلت عليها (PCATI) أن نحو 100 معتقل كانوا محتجزين في سجن راكيفيت في الأشهر الأخيرة.

ظروف قاسية في سجن راكيفيت

زارت المحاميتان جنان عبدو وسجى مشرقي برانسي سجن راكيفيت في سبتمبر الماضي، في زيارة هي الأولى للمنظمة الحقوقية إلى هذا المرفق السري.

ووصفتا النزول إلى السجن عبر درج قذر تحت الأرض، برفقة حراس ملثمين ومدججين بالسلاح، وصولًا إلى غرفة اجتماعات حيث “تنتشر بقايا الحشرات الميتة على الأرض” والمرحاض “قذر لدرجة تجعله غير قابل للاستخدام فعليًا”.

وأشارت المحاميتان أن كاميرات المراقبة المثبتة في الغرفة تنتهك الحق القانوني الأساسي للمعتقل في الحصول على مناقشة سرية مع محاميه.

وعندما التقيتا بالمعتقلين، أُحضروا وهم “منحنيو الظهور، وأجبرهم الحراس على توجيه رؤوسهم إلى الأرض”، وظلوا مقيدين بالأيدي والأقدام طوال مدة اللقاء.

ونقلت سجى مشرقي برانسي أن الممرض، وهو أب لثلاثة أطفال، بدأ الاجتماع بسؤال صادم: “أين أنا ولماذا أنا هنا؟”، حيث لم يخبره الحراس حتى باسم السجن المحتجز فيه، وأكدت أنه لم يرَ ضوء النهار منذ 21 يناير هذا العام، ولا يعرف أي أخبار عن أسرته.

كما نقل المعتقلون للمحامين تفاصيل الأوضاع داخل الزنازين التي لا نوافذ لها ولا تهوية، والتي تضم ثلاثة أو أربعة أشخاص، وشعورهم المتكرر بضيق التنفس والاختناق.

وتحدثوا عن انتهاكات جسدية منتظمة تشمل الضرب، والاعتداء بالكلاب، وسير الحراس فوق أجسادهم، بالإضافة إلى حرمانهم من الرعاية الطبية الكافية وتقديم حصص غذائية تصل حد “التجويع“، وهو ما أيدته المحكمة العليا الإسرائيلية في قرار حديث لها أكد أن الدولة تحرم السجناء الفلسطينيين من الغذاء الكافي.

ووفقًا للمنظمة الحقوقية فإن سجن راكيفيت يفرض “شكلًا فريدًا من أشكال الإساءة”، وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، تال شتاينر، إن احتجاز الأشخاص تحت الأرض دون ضوء نهار “له آثار خطيرة للغاية” على الصحة العقلية والجسدية، بما في ذلك إتلاف إيقاعات الساعة البيولوجية اللازمة للنوم وإنتاج فيتامين د.

يُحتجز هؤلاء الفلسطينيون في سجن راكيفيت لأجل غير مسمى دون تهم، ورغم إطلاق سراح 1700 معتقل من غزة بموجب وقف إطلاق النار في منتصف أكتوبر كان بينهم بائع الطعام الشاب الذي أُطلق سراحه في 13 أكتوبر، لا يزال 1000 آخرون على الأقل، بمن فيهم الممرض، رهن الاحتجاز في ظروف “تنتهك القانون الإنساني الدولي وترقى إلى مستوى التعذيب”.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech