تقارير أمريكية تكشف تحذيرات إسرائيلية من جرائم حرب في غزة

نوفمبر ٧, ٢٠٢٥

شارك المقال

تقارير أمريكية تكشف تحذيرات إسرائيلية من جرائم حرب في غزة

كشف خمسة مسؤولين أمريكيين سابقين أن تقارير استخباراتية جمعتها واشنطن العام الماضي، أظهرت أن مستشارين قانونيين في الجيش الإسرائيلي حذروا من وجود شواهد قد تُستخدم كأدلة على ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي استُخدمت فيها أسلحة مصدرها الولايات المتحدة، بحسب رويترز.

ووفقًا للمسؤولين الذين اطلعوا على تلك المعلومات السرية، فإن الوثائق الاستخباراتية – التي لم يُكشف عنها سابقًا – أثارت قلقًا كبيرًا داخل الدوائر الأمريكية، إذ اعتُبرت من أكثر التقارير حساسية التي وصلت إلى صانعي القرار في واشنطن خلال الحرب. وقد أبرزت تلك المعلومات وجود انقسام داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول قانونية الأساليب المتبعة في غزة، وهو ما يتناقض مع الخطاب الرسمي الإسرائيلي المدافع عن نزاهة عملياته.

مخاوف أمريكية من السلوك الإسرائيلي 

وأشار اثنان من المسؤولين إلى أن هذه البيانات لم تُوزع على نطاق واسع داخل مؤسسات الحكومة الأمريكية إلا في الأسابيع الأخيرة من إدارة الرئيس جو بايدن، عندما جرى تداولها قبل جلسة إحاطة مخصصة لأعضاء الكونغرس في ديسمبر 2024.

وقد زادت هذه التسريبات من المخاوف الأمريكية بشأن السلوك العسكري الإسرائيلي، خصوصًا في ظل الاتهامات المتكررة بأن الجيش استهدف المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة بشكل متعمد، وهي اتهامات نفتها تل أبيب مرارًا. وذكرت مصادر صحية في غزة أن العمليات الإسرائيلية، التي امتدت لعامين، أودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني، بينما أكد الجيش الإسرائيلي أن نحو 20 ألفًا من القتلى ينتمون إلى الفصائل المسلحة.

تحدثت وكالة “رويترز” مع تسعة من كبار المسؤولين الأمريكيين الذين خدموا في إدارة بايدن، من بينهم ستة اطلعوا بشكل مباشر على النقاشات الاستخباراتية، وجميعهم طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم نظرًا لحساسية المعلومات. وتشير شهاداتهم إلى أن الخلاف داخل الإدارة حول الموقف من إسرائيل بلغ ذروته في أسابيع بايدن الأخيرة بالبيت الأبيض قبل تسلم الرئيس دونالد ترامب السلطة في يناير.

ورفض السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، يحيئيل لايتر، التعليق على مضمون تلك المعلومات أو على النقاش الأمريكي الداخلي بشأنها. كما لم يصدر أي رد فوري من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أو من المتحدث باسم الجيش.

مراجعات قانونية أمريكية

وقد عقد مجلس الأمن القومي الأمريكي اجتماعًا طارئًا عقب وصول هذه المعلومات، شارك فيه ممثلون من وزارتي الخارجية والدفاع ووكالات الاستخبارات، لمراجعة الخيارات القانونية والسياسية الممكنة. فلو ثبت قانونيًا أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، لكانت واشنطن مُلزمة بوقف صادرات الأسلحة والتعاون الاستخباراتي معها، وهو أمر اعتبره العديد من المسؤولين الأمريكيين ضربة للعلاقة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين.

ومع ذلك، خلصت المراجعات القانونية التي أجرتها إدارة بايدن إلى أن الأدلة المتوافرة لا تُثبت بشكل قاطع أن إسرائيل تعمدت استهداف المدنيين، ما سمح باستمرار الدعم العسكري والاستخباراتي. وأبدى عدد من المسؤولين السابقين استياءهم من هذا القرار، معتبرين أن البيت الأبيض تجنب مواجهة الحقائق حفاظًا على التحالف السياسي والعسكري مع تل أبيب.

وأشار هؤلاء إلى أن انتقال السلطة إلى إدارة ترامب أدى إلى تجميد الملف بالكامل، إذ لم يُبدِ الرئيس الجديد وفريقه اهتمامًا كبيرًا بالتحقيقات السابقة، واختاروا تعزيز الدعم لإسرائيل بصورة أوضح.

في السياق نفسه، أوضح خمسة مسؤولين سابقين أن محامين من وزارة الخارجية الأمريكية حذروا منذ نهاية عام 2023 من أن السلوك العسكري الإسرائيلي في غزة ربما يُشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، وأبلغوا وزير الخارجية أنتوني بلينكن بهذه المخاوف، لكن الوزارة لم تصدر في أي وقت تقييمًا رسميًا يحمّل إسرائيل المسؤولية القانونية، واكتفت بالتعبير عن “قلقها العميق”.

وظهر هذا التردد جليًا في التقرير الذي نشرته وزارة الخارجية في مايو 2024، والذي أشار إلى أن إسرائيل “قد تكون” انتهكت القانون الدولي أثناء استخدامها للأسلحة الأمريكية في غزة، دون أن يصل إلى استنتاج نهائي بسبب ما وصفه التقرير بـ”غموض الحقائق الميدانية”. وفي نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، إلى جانب القائد في حركة حماس محمد ضيف، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الصراع. وردّت إسرائيل برفض اختصاص المحكمة، مؤكدة أن عملياتها موجهة ضد حماس فقط.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه يحقق داخليًا في نحو ألفي حادثة يُشتبه بارتكاب مخالفات خلالها، تشمل سقوط مدنيين وتدمير مرافق حيوية، مشيرًا إلى أن بعض هذه القضايا أُثير ضمن ملف الإبادة الجماعية المنظور أمام محكمة العدل الدولية.

من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين إن الوثائق الاستخباراتية تؤكد أن إدارة بايدن “تجاهلت عمدًا” مؤشرات واضحة على استخدام أسلحة أمريكية في هجمات قد تُعدّ جرائم حرب، معتبرًا أن الموقف الأمريكي اتسم بـ”العمى المتعمد” إزاء ما يحدث في غزة. وتستمر إسرائيل في نفي جميع الاتهامات، مؤكدة أن عملياتها العسكرية تستهدف “تفكيك البنية التحتية لحماس” مع اتخاذ إجراءات لتقليل الخسائر بين المدنيين.

اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| قوات السلام في غزة بين رؤيتين
كيف يخطط نتنياهو للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر؟
ترامب يعلق على انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech