تتجه الأنظار اليوم الاثنين إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث تنطلق أعمال اجتماع دولي رفيع المستوى يستمر ليومين، بهدف إعادة إحياء حل الدولتين كمسار وحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن هذا الجهد الدبلوماسي، الذي تقوده السعودية وفرنسا، يبدأ أعماله في ظل مقاطعة طرفين رئيسيين هما الكيان المحتل والحليف الوثيق الولايات المتحدة، وهو ما يضع سقفًا واضحًا لما يمكن تحقيقه.
الهدف الأساسي للاجتماع، الذي يشارك فيه نحو 40 وزيرًا، هو سياسي ورمزي بالدرجة الأولى، حيث تسعى باريس والرياض إلى إعادة “حل الدولتين” إلى صدارة الأجندة الدولية، ومنعه من التلاشي وسط تصاعد العنف واستمرار الحرب في غزة.
يتوقع المحللون أن يخرج الاجتماع ببيان ختامي مشترك يؤكد مجددًا على أن قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم.
وبحسب دبلوماسيين، فإن الاجتماع يهدف إلى “رسم مسار للتنفيذ، وليس للتنظير”، عبر تحديد خطوات عملية وملموسة، وقد يشهد الاجتماع إعلانات من بعض الدول عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين مستقبلًا، في خطوة تهدف إلى بناء زخم دولي يمارس ضغطًا سياسيًا غير مباشر.
يأتي هذا التحرك بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المفاجئ بأن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، مما يجعل من فرنسا أول قوة غربية كبرى تتخذ هذه الخطوة، ويعطي للاجتماع الحالي ثقلًا إضافيًا.
من جانبه، أكد الجانب الفلسطيني، على لسان أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن هذا اللقاء يمثل تحضيرًا لقمة رئاسية مرتقبة في سبتمبر، ويأمل الفلسطينيون أن يؤدي إلى “عملية سياسية دولية جادة” ودعم مالي لإعادة إعمار غزة.
على الرغم من الحشد الدبلوماسي، فإن غياب إسرائيل والولايات المتحدة يعني أن الاجتماع لن يتمكن من تحقيق أي اختراق فوري أو عملي، حيث لن تكون هناك مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولن يتم التوصل إلى اتفاق ملزم يمكن أن يغير الواقع على الأرض.
ترى واشنطن أن الاجتماع “يأتي بنتائج عكسية” لجهودها الدبلوماسية، بينما ترفض حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل قاطع فكرة الدولتين، معتبرة إياها تهديدًا أمنيًا، وقد أدان “نتنياهو” إعلان “ماكرون” الاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أنه “يكافئ الإرهاب”.
وستبقى نتائج الاجتماع في إطار الخطاب السياسي والتوصيات غير الملزمة، ولن يشهد إعلانًا بريطانيًا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما أشار مجدلاني إلى أنه قد يحدث في سبتمبر.
باختصار، سيُبقي الاجتماع فكرة حل الدولتين حية على الطاولة الدولية، ولكنه لن يضعها قيد التنفيذ الفوري، ويبقى الأمل معقودًا على أن يمهد هذا الحراك الطريق لجهود أكثر تأثيراً في المستقبل، لكنه يظل في الوقت الراهن صرخة دبلوماسية في وجه واقع سياسي معقد ومستعصٍ على الحل.