عاشت مذيعة تلفزيون سوريا، ديما أبودان، لحظة مرعبة على الهواء حيث تصادف وجودها في بث مباشر مع غارة نفذتها قوات الاحتلال على مقر وزارة الدفاع السورية وسط العاصمة دمشق. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر أبودان وهي تغادر الاستديو فور سماع دوي الانفجار.
كانت غارات جوية عنيفة هزت العاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء، حيث استهدفت بشكل مباشر مقر وزارة الدفاع، وذلك في الوقت الذي تتعهد فيه إسرائيل بتدمير قوات الحكومة السورية التي تهاجم التجمعات الدرزية في محافظة السويداء جنوب البلاد. ويمثل هذا القصف، الذي يعد الأكثر جرأة منذ سقوط نظام الأسد، تصعيدًا خطيرًا يهدد بتوسيع نطاق الصراع، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني الهش في سوريا.
وقد جاء هذا التطور بعد أيام من اندلاع اشتباكات طائفية دامية في جنوب سوريا، مما أثار قلقًا دوليًا ودفع الولايات المتحدة إلى دعوة جميع الأطراف للتهدئة، بينما تبرر إسرائيل تدخلها العسكري المباشر بحماية الأقلية الدرزية.
خلال بث على الهواء مباشرة.. لحظة استهداف سلاح الجو الإسرائيلي مدخل مقر هيئة الأركان السورية بدمشق #سوشال_سكاي#سوريا#إسرائيل pic.twitter.com/I97gggx67e
— سكاي نيوز عربية (@skynewsarabia) July 16, 2025
شهدت دمشق في منتصف نهار الأربعاء سلسلة من الغارات المكثفة، حيث سمع مراسلون طائرات حربية تحلق على ارتفاع منخفض، وتصاعدت سحب الدخان الكثيفة من منطقة وزارة الدفاع في قلب العاصمة. ورغم عدم صدور تعليق إسرائيلي فوري، إلا أن وسائل الإعلام السورية الرسمية أكدت أن الاحتلال هو الذي نفذ الهجوم.
وفي وقت لاحق، أعلن جيش الاحتلال أنه “ضرب بوابة مدخل مجمع المقرات العسكرية للنظام السوري” في دمشق. وكانت مصادر أمنية في وزارة الدفاع السورية قد أفادت بأن غارتين على الأقل بطائرات مسيرة أصابتا المبنى، وأن ضباطًا احتموا في الطابق السفلي، بينما ذكرت قناة الإخبارية الحكومية أن الغارة أسفرت عن إصابة مدنيين اثنين. وقد سبق هذه الانفجارات تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، حذر فيه من أن “ضربات مؤلمة ستأتي”.
يأتي قصف دمشق في سياق احتدام القتال في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية. فقد أسفرت أعمال العنف التي اندلعت هذا الأسبوع بين مقاتلين من الأقلية الدرزية وقوات الأمن الحكومية وأفراد من القبائل البدوية عن مقتل العشرات. وتتضارب حصيلة الضحايا، حيث أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بمقتل 169 شخصًا، بينما قدرتها مصادر أمنية بـ 300 قتيل.
وقد تعرضت مدينة السويداء وقراها لقصف مدفعي كثيف، وقال أحد سكان المدينة في اتصال هاتفي: “نحن محاصرون ونسمع صراخ المقاتلين.. نحن خائفون للغاية”. كما أفاد مراسلون بمشاهدة قوات حكومية تنهب وتحرق منازل في المدينة.
ويطالب الاحتلال السلطات الإسلامية الجديدة بإبعاد قواتها عن جنوب سوريا، وقد تعهدت بحماية الأقلية الدرزية. وفي إطار هذا التعهد، واصل الجيش الإسرائيلي ضرب أهداف “للنظام السوري” في جنوب سوريا، بما في ذلك دبابات وشاحنات صغيرة محملة برشاشات كانت متجهة نحو السويداء. وقد شهدت الحدود تطورًا لافتًا يوم الأربعاء، حيث اخترق عشرات الدروز الإسرائيليين السياج الحدودي للقاء بالدروز على الجانب السوري، في تعبير عن التضامن، ويعمل الجيش الإسرائيلي حاليًا على إعادتهم بسلام.
أعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ إزاء الضربات الإسرائيلية على سوريا. وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الأربعاء إنه “قلق للغاية” بشأن الموقف، وأنه أجرى محادثات هاتفية مع الأطراف المعنية، ويأمل في إصدار تحديثات لاحقًا. وأضاف أن واشنطن تريد وقف القتال الذي اندلع بعد ساعات من اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكان المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، قد أعلن يوم الثلاثاء أن واشنطن على اتصال بجميع الأطراف “للتوجه نحو الهدوء والتكامل”. وفي المقابل، يرى مسؤول عسكري إسرائيلي أن الجيش السوري هو “جزء من المشكلة وليس الحل”، وأنه لم يفعل شيئًا لحماية الأقلية الدرزية.