هدد الرئيس دونالد ترامب، أمس الثلاثاء، باعتقال زهران ممداني، المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، في حال مضى قدمًا بتعهداته الانتخابية بعدم التعاون مع السلطات الفيدرالية في إنفاذ قوانين الهجرة.
وأثارت هذه التصريحات، التي أدلى بها ترامب خلال زيارة لمركز احتجاز في فلوريدا، عاصفة من ردود الفعل السياسية، وفتحت جبهة جديدة في الصراع الوطني حول سياسات الهجرة ودور المدن في تطبيقها. ويمثل هذا التهديد المباشر من رئيس أمريكي لمرشح لمنصب عمدة نيويورك، تحولًا في الخطاب السياسي، وينقل الخلاف من دائرة السياسات إلى دائرة التهديدات الشخصية، وهو ما أثار حفيظة الديمقراطيين في نيويورك الذين سارعوا للدفاع عن مرشحهم.
جاء تهديد ترامب ردًا على سؤال حول تعهدات زهران ممداني بمنع عملاء إدارة الهجرة والجمارك (ICE) من ترحيل المهاجرين من المدينة. فأجاب الرئيس بشكل قاطع: “حسنًا، سيتعين علينا اعتقاله”، مضيفًا أنه “سيراقبه عن كثب نيابةً عن الأمة”.
هذا التهديد يستند إلى سياسة ترامب الصارمة تجاه أمن الحدود، والتي شهدت في السابق نشر الحرس الوطني ورفع دعاوى قضائية ضد مدن تتبنى سياسات “الملاذ الآمن”. لكن خبراء قانونيين يشيرون إلى أن تعهد ممداني لا يخالف أي قانون، حيث لا يوجد أي التزام قانوني فيدرالي يجبر السلطات المحلية على استخدام مواردها للمساعدة في إنفاذ قوانين الهجرة الفيدرالية، مما يجعل تهديد ترامب ذا طبيعة سياسية أكثر منها قانونية.
من جهته، رد ممداني، عضو جمعية الولاية الذي فاز بترشيح الحزب الديمقراطي على منصة تقدمية، بقوة على تصريحات ترامب. ووصف التهديد بأنه “هجوم على ديمقراطيتنا” و”محاولة ترهيب” تهدف إلى إرسال رسالة لكل سكان نيويورك الذين يرفضون “الاختباء في الظل”. وقال ممداني: “إذا تكلمت، فسيلاحقونك. لن نقبل هذا الترهيب”.
وقد أثارت تصريحات ترامب ردود فعل غاضبة من كبار المسؤولين الديمقراطيين في نيويورك. وكتبت حاكمة الولاية، كاثي هوشول، على منصات التواصل الاجتماعي: “لا يهمني إن كنت رئيس الولايات المتحدة، إذا هددت بمهاجمة أحد جيراننا بشكل غير قانوني، فأنت بذلك تفتح معركة مع 20 مليون من سكان نيويورك”. ولم يكتفِ ترامب بالتهديد بالاعتقال، بل شن سلسلة من الهجمات الشخصية على ممداني. فقد ردد مزاعم كاذبة بأن ممداني، وهو مواطن أمريكي متجنس وُلد في أوغندا وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن السابعة، موجود في البلاد “بشكل غير قانوني”.
كما وصف ترامب ممداني بشكل خاطئ بأنه “شيوعي” و”مجنون يساري متطرف”، متجاهلاً حقيقة أن ممداني يُعرف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، وهو تيار سياسي يهدف إلى إصلاح الرأسمالية عبر الديمقراطية، ويختلف جذريًا عن الشيوعية. وقد تجاهل ممداني هذه التوصيفات، مؤكدًا أن ترامب يسعى لصرف الانتباه عن القضايا الحقيقية التي يناضل من أجلها، وهي قضايا الطبقة العاملة.
ويأتي هذا الصدام في سياق سباق انتخابي محتدم على منصب عمدة نيويورك. فممداني، الذي حقق فوزًا مفاجئًا في الانتخابات التمهيدية على الحاكم السابق أندرو كومو، سيواجه في الانتخابات العامة في نوفمبر المقبل العمدة الحالي، إريك آدامز، الذي قرر الترشح كمستقل وسط فضيحة فساد. وقد أظهر ترامب دعمًا ضمنيًا لآدامز، مشيرًا إلى أن وزارة العدل في عهده أسقطت تهم الفساد التي كانت موجهة له. هذا الموقف يضع الرئيس في مواجهة مباشرة مع المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، ويجعل من سباق الانتخابات معركة ذات أبعاد وطنية وليست محلية فقط.