في تعكير جديد لصفو العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وصف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نظيره الروسين فلاديمير بـ “المجنون” بعد إطلاقه هجومًا جويًا ضخمًا على أوكرانيا، مؤكدًا أنه يدرس فرض عقوبات جديدة على موسكو.
ونشر ترامب ملاحظته على وسائل التواصل الاجتماعي، في أعقاب تعرض أوكرانيا لأكبر هجمات جوية روسية ضخمة عن طريق الطائرات بدون طيار منذ شن الغزو الروسي على اوكرانيا في فبراير 2022، ما أدى إلى انفجارات ونيران هائلة. وقال ترامب: لقد قلت دائمًا إنه يريد كل أوكرانيا، وليس جزءًا منها فقط، وربما يكون هذا صحيحًا، ولكن إذا فعل ذلك، فسوف يؤدي ذلك إلى سقوط روسيا!”.
ورد الكرملين على تصريحات ترامب بالشكر لجهوده في مفاوضات السلام، ولكنه قال إن الرئيس الأمريكي وكذلك شعبه ربما يكون مثقلًا عاطفيًا بسبب ما يحدث، ما يجعلهم يطلقون مثل ردود الفعل هذه. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتن إن هذه التعليقات “مرتبطة بضغط عاطفي على كل من شارك في هذه التصريحات”. في الوقت ذاته، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرز إن حلفاء أوكرانيا أزالوا كل القيود على استخدام كييف للأسلحة بعيدة المدى في العمق الروسي، والتي قدمها الغرب لها. ويعني ذلك أن أوكرانيا أصبحت قادرة على الدفاع عن نفسها بمهاجمة مواقع عسكرية روسية وهو ما لم تكن تستطيع فعله من قبل.
يرى بعض المحليين أن تصعيد روسيا لحربها على أوكرانيا يبرز فشل الدبلوماسية الأمريكية في إنهاء الصراع، خصوصًا بعد أن تعهد الرئيس الأمريكي أكثر من مرة أثناء الانتخابات الرئاسية بإنهاء الحرب في اوكرانيا خلال 24 ساعة بمجرد توليه السلطة. ويدلل المحللون على ذلك بصمت الرئيس الأمريكي تجاه أفعال روسيا، خصوصًا مع انهيار أول محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا منذ مارس 2022، والتي عُقدت مؤخرًا في تركيا، دون أي مؤشرات على احتمالية وقف إطلاق النار، وهو ما يبرز فشل تدخله.
ويرى المحللون أنه ما ساعد على تمادي بوتين في أفعاله هو رفض الولايات المتحدة الانضمام إلى الغرب في فرض المزيد من العقوبات على موسكو أو أي ضغوط أخرى قد تؤدي في النهاية لوقف إطلاق النار. في المقابل تتوقع وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية أن موسكو ستستمر في القتال هذا العام.
وتُشير التوقعات إلى أن روسيا من المتوقع أن تشن هجومًا واسع النطاق خلال هذا الصيف حتى وإن كانت مكاسب روسيا غير مؤكدة في ظل الخسائر التي تكبدتها طوال الفترة الماضية. والحقيقة هي أنه في ظل الجمود على الأرض، فإن تصعيد حرب الطائرات بدون طيار طويلة المدى على الجانبين أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، حتى لو لم تتمكن من غزو الأراضي.
وانتقد الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، يوم الأحد الماضي “الصمت الأمريكي وتشجيع بوتين”، وهو ما أثار سؤالًا مهمًا وهو “هل تراجع ترامب عن جهوده لإنهاء الحرب؟”. حتى عندما أصدر مسؤول أمريكي إدانة لما يحدث في الأراضي الأوكرانية كان خاليًا من أي إشارة إلى اضطلاع موسكو في الحرب. وفي منشور على موقع X، أدان مبعوث ترامب إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، الهجمات، مستعرضًا صورةً لحرائق في العاصمة الأوكرانية. وكتب: “هذه كييف. إن القتل العشوائي للنساء والأطفال ليلًا في منازلهم انتهاكٌ واضحٌ لبروتوكولات جنيف للسلام لعام 1977، المصممة لحماية الأبرياء. هذه الهجمات مخزية. أوقفوا القتل. أوقفوا إطلاق النار الآن”.
من جانبه، قال فيليبس أوبراين، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز، والذي يقدم نشرة إخبارية عن الحرب، إن المحادثات الأخيرة التي توسطت فيها الولايات المتحدة لا تسير في الاتجاه الصحيح. ووصف الجهود الأمريكية التي قام بها ترامب خلال الفترة الماضية لإنهاء الحرب بـ “المهزلة”. وأوضح أنه بينما كان ترامب يحول إظهار محاولاته بأنها تستهدف التوصل إلى حل سلمي للحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلا أنها كانت محاولات لإجبار كييف على تقديم تنازلات لصالح موسكو.