مع الصعود الكبير الذي شهدته العملات المشفرة بين عامي 2017 و2018، اتخذت عدة دول حول العالم إجراءات صارمة شملت الحظر والمصادرة والملاحقة القانونية للعملات الرقمية لتقنين التعامل فيما يخص غسيل الأموال وتمويل العمليات المشبوهة وتداعيات ذلك على الاقتصاد.
وكان من بين أبرز الدول التي حظرت أو ضيقت على التعامل بالعملات الرقمية هي تركيا، بوليفيا، نيجيريا، الهند، نيبال، الجزائر، وكوريا الجنوبية. وفي تطور لافت، صادرت الشرطة البريطانية في يونيو الماضي ما قيمته 248.4 مليون دولار من العملات المشفرة، في إطار تحقيقات مرتبطة بعمليات غسل أموال.
تُعد الصين من أبرز الدول التي اتخذت موقفًا صارمًا، حيث منعت في مايو الماضي البنوك والمؤسسات المالية وشركات الدفع من تقديم خدمات متعلقة بالعملات المشفرة. وبدورها، التزمت الولايات المتحدة بفرض قيود على استخدام العملات المشفرة في عمليات غير قانونية، وسط دعوات متزايدة لتقنينها وإخضاعها لرقابة أشد. وبينما تعمل بعض الحكومات على تشديد الملاحقة، تسعى أخرى إلى تقنين العملات الرقمية، حيث أطلقت السلفادور تجربة فريدة باعتماد عملة “البيتكوين” كعملة قانونية للتداول، ما أثار نقاشًا عالميًا حول مستقبل هذه الأصول الرقمية.
تُعرف العملات الرقمية بأنها نوع من النقود التي تتوافر بشكل كامل عبر شبكة الإنترنت، ويُطلق عليها أيضًا عدة مسميات أخرى مثل: النقود الإلكترونية أو النقود السيبرانية. وتمتاز هذه العملات بأنها غير ملموسة ولا وجود لها في شكل مادي مثل العملات الورقية أو المعدنية المتعارف عليها، مما يعني أنه لا يمكن حملها أو تخزينها في المحافظ التقليدية أو استخدامها مباشرة في التعاملات اليومية المعتادة. ومع ذلك، فإنها تُعد وسيلة فعّالة لإبرام الصفقات والمعاملات الرقمية المختلفة، إضافة إلى إمكانية توظيفها في دفع ثمن الخدمات أو شراء السلع إلكترونيًا.
ولا تحظى العملات الرقمية بانتشار شامل في كل دول العالم أو في جميع المجتمعات، إذ يقتصر استخدامها غالبًا على بيئات أو دول تسمح بها أو توفر البنية التكنولوجية اللازمة لتداولها. ويتم التعامل بهذه العملات عادةً من خلال أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، وذلك عبر ما يُعرف بـ المحافظ الرقمية المتصلة بشبكات متخصصة. وتتميز هذه المحافظ بقدرتها على تسهيل إجراء معاملات مالية لحظية، تتجاوز حدود المكان والزمان، حيث يمكن إرسال الأموال أو استلامها من أي طرف في العالم خلال ثوانٍ معدودة دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين مثل البنوك.
وتعمل العملات الرقمية عبر تقنية تعرف باسم البلوكتشين، وهي بمثابة دفتر سجلات إلكتروني ضخم يحتوي على قاعدة بيانات مترابطة يتم تشغيلها وصيانتها من خلال أجهزة الحاسوب المنتشرة على الشبكة والمتخصصة في إدارة عمليات التداول والتبادل. ويقوم هذا النظام بتجميع البيانات في شكل كتل مترابطة، بحيث تتضمن كل كتلة تفاصيل دقيقة عن المعاملة أو العملية التي جرت، مما يضمن الشفافية والأمان ويمنع التلاعب أو التزوير.