يمثل قرار رفع العقوبات عن سوريا، ولو بشكل جزئي ومؤقت، منعطفًا في مسار الأزمة التي دمرت البلاد، إذ ستتمكن دمشق من المضي قدمًا نحو النمو الاقتصادي الذي تراجع لسنوات بفعل الحرب الأهلية.
ويأتي هذا التطور في أعقاب قمة تاريخية هي الأولى من نوعها منذ عقود، جمعت الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، لتفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول ما يمكن أن يغيره هذا التحول فعليا على الأرض، وما هي المكاسب الاقتصادية والسياسية التي ستجنيها دمشق.
تداعيات رفع العقوبات عن سوريا
جاء الإعلان الأمريكي عقب اجتماع وصف بالتاريخي يوم الإثنين الماضي، وهو الأول بين زعيم سوري ورئيس أمريكي في واشنطن منذ عام 1946.
ويعكس هذا الاجتماع تحولًا جذريًا في العلاقات الأمريكية السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
وسعى الشرع، إلى حشد دعم ترامب لتخفيف العقوبات عن الدولة التي كانت منبوذة سابقًا، وسط هتافات من أنصاره خارج البيت الأبيض في ظهور علني نادر.
ونقل عن ترامب قوله في المكتب البيضاوي واصفا الشرع: "إنه قائد قوي جدًا"، مضيفًا: "أنا على وفاق مع الرئيس الجديد لسوريا، وسنفعل كل ما بوسعنا لإنجاح سوريا".
وعقب الاجتماع مباشرة، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعليق بعض العقوبات لمدة 180 يومًا بموجب "قانون قيصر" لعام 2019.
واستهدف هذا القانون قطاع الطاقة السوري بشكل أساسي وأدى إلى ردع المستثمرين الأجانب عن توقيع عقود تتعلق بإعادة إعمار البلاد.
ويعد هذا التعليق خطوة أولى نحو رفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل، حيث قال البيت الأبيض في بيان صحفي إن "الرئيس ترامب يفي بالتزامه بمنح سوريا فرصة للعظمة" والسماح لها بإعادة البناء والازدهار.
ويفتح هذا القرار الباب أمام تغييرات جذرية طال انتظارها في المشهد السوري المنهار، حيث يرى محللون أن الأثر المباشر لقرار رفع العقوبات عن سوريا سيتمثل في إتاحة الفرصة لانتعاش الاقتصاد المدمر بشكل فوري.
كما سيسهل هذا القرار تدفق الاستثمارات الأجنبية، وخاصة الأوروبية والأمريكية، دون العوائق القانونية المعقدة التي فرضها قانون "قيصر" لسنوات.
ولن يقتصر الأثر على الاستثمار، بل سيمتد ليشمل السماح بتقديم الخدمات المالية وعودة صادرات النفط السوري الحيوية إلى الأسواق.
ويعد هذا التطور أساسيًا للمساهمة في إنعاش البنى التحتية المدمرة، من طاقة ومياه وطرق، فضلًا عن تنشيط القطاع الخاص الذي توقف عن العمل لسنوات.
ويمنح رفع العقوبات عن سوريا فرصة لإعادة تحفيز الإنتاج المحلي لتحقيق درجة من الاكتفاء الذاتي.
وعلى المستوى الإنساني المباشر، يتوقع أن يسهم رفع العقوبات عن سوريا في تسهيل دخول المواد الغذائية والدوائية الحيوية، وهو أمر بالغ الأهمية للنهوض بالمجتمع والقطاع الصحي المنهار، كما يتيح القرار مشاركة أوسع للدول الصديقة والشركات الكبرى في ملف إعادة الإعمار الضخم الذي تحتاجه البلاد.













