في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتزايد التحذيرات الفلسطينية من خطورة المخططات التي تسعى حكومة الاحتلال إلى فرضها على أرض الواقع. ويرى مسؤولون فلسطينيون أن الحرب الجارية لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت كفرصة استغلتها إسرائيل لتمرير أهداف استراتيجية تهدف إلى إضعاف الشعب الفلسطيني وإنهاء مشروعه الوطني.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني، إن الاحتلال ينظر إلى السلطة الفلسطينية على أنها إنجاز وطني للفلسطينيين ومقدمة طبيعية للوصول إلى الدولة المستقلة. وقال إن منظمة التحرير الفلسطينية عندما دخلت في المشروع السياسي الذي أدى إلى إقامة السلطة، كانت تعتبرها مرحلة انتقالية نحو الدولة. إلا أن إسرائيل – بحسب الهباش – لا تريد الوصول إلى هذه المرحلة، بل تسعى إلى تدمير السلطة الفلسطينية وإعادة الأوضاع إلى ما قبل تأسيسها، لأنها ترفض أي حل سياسي أو خطوة تُمكّن الشعب الفلسطيني من التحرر، حتى حل الدولتين الذي أقره المجتمع الدولي وتبنته مبادرة السلام العربية.
وأوضح الهباش خلال مداخلة في برنامج “هنا الرياض” على قناة الإخبارية أن الشعب الفلسطيني أمام خيارين: إما الاستسلام والانكفاء على الذات استجابة لما تريده إسرائيل، أو الاستمرار في العمل بجد ومثابرة، وتكثيف الجهود لتحقيق أهدافه الوطنية سواء بشكل فردي أو ضمن الإطار العربي الجماعي. وقال: “لقد اخترنا الخيار الثاني وسنواصل العمل”.
وشدد مستشار الرئيس الفلسطيني على أن النقطة الجوهرية في البرنامج الاستراتيجي للتحرر من الاحتلال تكمن في الوجود الفلسطيني في غزة، باعتباره الضامن الأساسي لاستمرار القضية الفلسطينية. موضحا أن كل الجهود تُركز اليوم على الحفاظ على بقاء الشعب الفلسطيني في القطاع، وتقديم مختلف الخدمات التي تمكّنه من الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي المتواصل.
بيّن الهباش إن جميع الأسباب والعراقيل التي تؤدي إلى استمرار الحرب المدمرة في قطاع غزة مصدرها الاحتلال الإسرائيلي، الذي سعى عمدًا إلى استغلال أحداث السابع من أكتوبر لتمرير مخطط معدّ مسبقًا، يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد الهباش أن هذه الخطة المتجذّرة في عقول قادة الحكومة الإسرائيلية اليمينية تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني وإجهاض مشروعه الوطني، فضلًا عن القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. مضيفًا أن إسرائيل تعمل كذلك على تكريس الانقسام أو استمراره بين قطاع غزة والضفة الغربية، وصولًا إلى تهجير الفلسطينيين من غزة تحت وطأة العدوان، في مسعى واضح لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل.
وأشار مستشار الرئيس الفلسطيني إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يريد وقف الحرب، مؤكدًا أن استمرار العدوان يحقق له مكاسب استراتيجية على الصعيد الشخصي، إذ يضمن له البقاء في الحكم والسلطة، لأن أي توقف للحرب سيعني فتح ملفات الفساد التي تلاحقه هو وحكومته داخل إسرائيل. وفي المقابل، يسعى نتنياهو إلى استغلال الحرب لتحقيق أهداف سياسية أخرى، أبرزها إجهاض اتفاقية أوسلو، ودفن حل الدولتين، وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني عبر سياسات التدمير والتهجير.