كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة BMJ Evidence Based Medicine عن حقيقة مقلقة: دواء الترامادول، وهو أحد أكثر أدوية تسكين الألم شيوعاً حول العالم وُصف لملايين الأشخاص، يوفر فائدة محدودة جداً من حيث تخفيف الألم المزمن، بينما يعرض مستخدميه لمخاطر صحية حقيقية قد تفوق فوائده.
يعني هذا أن الملايين من الأشخاص قد يكونون يتناولون دواء لا يساعدهم بشكل فعال، بل قد يلحق بهم ضرراً صحياً في الوقت ذاته.
لفهم حجم المشكلة، من المهم معرفة مدى انتشار استخدام الترامادول. وفقاً لبيانات حديثة، كتب الأطباء 16 مليون وصفة طبية لهذا الدواء في عام 2023 وحده.
لماذا هذا الانتشار الكبير؟ لأن الترامادول كان يُعتبر لفترة طويلة "بديلاً أكثر أماناً" من الأفيونيات الأقوى، وكان يُنظر إليه على أنه دواء أقل عرضة للإدمان وأقل تسبباً في الآثار الجانبية. لكن هذه الاعتقادات الآن تحت المجهر.
قام الباحثون بمراجعة شاملة لنتائج التجارب السريرية الموثقة للترامادول. وكانت النتيجة مخيبة للآمال.
بخصوص فعالية الدواء نفسه: أظهرت الدراسة أن الترامادول وفّر تحسناً طفيفاً جداً في درجات الألم المزمن عند المرضى، لكن هذا التحسن كان ضئيلاً جداً بحيث لا يعتبر "مفيداً من الناحية السريرية" — بمعنى آخر، المريض قد لا يشعر بفرق حقيقي في حياته اليومية. هذا يعني أن الدواء قد لا يحقق ما يتوقعه المرضى منه.
والأهم من ذلك، بخصوص الآثار الجانبية: وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون الترامادول يواجهون خطراً مضاعفاً من حيث الآثار الجانبية الخطيرة مقارنة بأولئك الذين يتناولون دواء وهمياً (بلاسيبو).
ليس هذا فقط عدد أكثر من الآثار الجانبية، بل حدث في تجارب تابعت المرضى لفترات قصيرة نسبياً (من 7 إلى 16 أسبوع فقط) — مما يعني أن المخاطر الحقيقية قد تكون أكبر بكثير إذا استمر الاستخدام لفترات أطول.
الآثار الجانبية الخطيرة
- أحداث قلبية وعائية عديدة، بما فيها آلام في الصدر وأمراض الشرايين والقلب وفشل القلب المؤدي للفشل
- احتمالية متزايدة للإصابة بأنواع معينة من السرطانات (رغم أن الباحثين أشاروا إلى أن هذا الجزء من النتائج "مشكوك فيه" لأن فترات المتابعة كانت قصيرة)
- الغثيان والقيء
- الدوخة والدوار
- الإمساك الشديد
- النعاس المفرط والإرهاق
هذه الأعراض قد لا تبدو خطيرة جسدياً مثل أمراض القلب، لكنها تؤثر بشكل كبير على جودة حياة المريض اليومية.
