مع اقتراب موعد التحول إلى التوقيت الشتوي في عدد من دول العالم، يعود الحديث مجددًا عن تأثير هذا التغيير البسيط — تأخير الساعة ستين دقيقة فقط — على جسم الإنسان وساعته البيولوجية، وعلى نمط الحياة اليومي بشكل عام.
ومع انتهاء فترة التوقيت الصيفي، يلاحظ كثيرون أنهم يستيقظون في وقت أبكر أو يشعرون بنعاس مبكر في المساء، وهي تغيرات تبدو طفيفة لكنها في الحقيقة تعكس اضطرابًا مؤقتًا في النظام الداخلي للجسم المعروف بـ”الإيقاع اليومي”. هذا الإيقاع يشبه من حيث الوظيفة الساعة المركزية في الدماغ التي تُنظم دورات النوم واليقظة، وعمليات الأيض، ومستويات الهرمونات، وضغط الدم، وغيرها من العمليات الحيوية.
ويُعتبر ضوء الصباح أحد أهم العوامل في إعادة ضبط هذه الساعة الطبيعية. فعندما يتعرض الإنسان لضوء النهار في وقت مبكر، يُرسل الدماغ إشارات تساعد على الاستيقاظ وتحفّز إنتاج الطاقة، بينما يبدأ مع حلول الظلام إفراز هرمون الميلاتونين الذي يُهيّئ الجسم للنوم. لكن عندما تقل ساعات الإضاءة في الشتاء، أو تتأخر شروق الشمس بسبب تعديل التوقيت، يمكن أن يختل هذا التوازن مؤقتًا.
ويُشير خبراء في علوم النوم إلى أن هذا الاضطراب قد يُسبّب صعوبة في النوم أو الاستيقاظ في الأيام الأولى من التحول الزمني، إلى جانب الشعور بالإرهاق أو انخفاض التركيز خلال النهار. كما يمكن أن تتأثر بعض الفئات أكثر من غيرها، مثل العاملين في المناوبات الليلية، أو من يعانون من اضطرابات النوم المزمنة، أو المصابين بما يُعرف بـ”الاكتئاب الموسمي” الناتج عن قلة التعرض للضوء الطبيعي.
“التوقيت القياسي”
رغم أن التبديل بين التوقيتين يُطبّق في مناطق مختلفة حول العالم لأسباب اقتصادية أو بيئية، فإن عددًا متزايدًا من الدراسات العلمية يؤكد أن الاستقرار على توقيت واحد طوال العام قد يكون أكثر فائدة لصحة الإنسان. فالبقاء على التوقيت الشتوي أو “التوقيت القياسي” يتماشى بصورة أفضل مع حركة الشمس ودورة الضوء الطبيعية، مما يُساعد الجسم على الحفاظ على توازن هرموناته وتنظيم نومه بشكل أكثر انسجامًا.
أما من الناحية العملية، فينصح الأطباء بالاستعداد المسبق لهذا التغيير، من خلال تعديل أوقات النوم تدريجيًا قبل أيام من تطبيقه — مثل الذهاب إلى الفراش قبل ربع ساعة يوميًا — لتقليل أثر الانتقال المفاجئ. كما يُعدّ التعرض لأشعة الشمس في الصباح وسيلة فعّالة لإعادة تنشيط الإيقاع اليومي بسرعة.
كذلك يُوصى بتقليل استخدام الشاشات قبل النوم، لأنها تُصدر ضوءًا أزرق يُعرقل إفراز الميلاتونين ويُطيل فترة الاستيقاظ. الحفاظ على نمط نوم ثابت، وتناول وجبات خفيفة مساءً، وممارسة نشاط بدني معتدل خلال النهار، كلها خطوات تُساعد الجسم على التكيف بسهولة مع اختلاف التوقيت.
اقرأ أيضًا:
اختبار جديد يتنبأ باكتئاب ما بعد الولادة بدقة تفوق 80%
ماذا يحدث لجسمك عند تناول اللحوم فقط؟
الاكتئاب.. من الأكثر عرضة النساء أم الرجال؟











