مايو ٢٦, ٢٠٢٥
تابع
نبض
logo alelm
لماذا يمر الوقت ببطء أثناء ممارسة التمارين الرياضية؟

يقال إن الوقت يمر سريعًا عند الاستمتاع، بينما يبدو أبطأ عند أداء أنشطة مرهقة أو مملة، ويبدو أن هذا ينطبق بشكل كبير على التمارين الرياضية، حيث يشعر الكثيرون أن الدقيقة داخل صالة الألعاب الرياضية أطول بكثير من الدقيقة على الأريكة.

في مشهد شائع، ينظر شخص يركض على جهاز المشي إلى الساعة بعد جهد طويل، ليكتشف أن كل ما مضى لم يتجاوز عشر دقائق. فما سر هذا الشعور؟ وهل هو مجرّد تصور نفسي، أم أن هناك تفسيرًا علميًا دقيقًا لتباطؤ الوقت خلال التمارين الرياضية؟

دراسة جديدة.. الوقت يتباطأ فعلًا

نُشرت دراسة علمية في مجلة Brain and Behavior تناولت هذا السؤال بشكل دقيق، وشملت الدراسة 33 مشاركًا يتمتعون بلياقة بدنية جيدة، طُلب منهم أداء ثلاث تجارب منفصلة لركوب الدراجة لمسافة 4 كيلومترات داخل بيئة افتراضية.

وشملت التجارب ثلاث حالات مختلفة، ركوب دراجة منفرد، وركوب مع شريك افتراضي غير تنافسي، وسباق ضد منافس نشط، وخلال كل تجربة، طلب الباحثون من المشاركين الإشارة إلى تقديرهم الذاتي لمدة 30 ثانية، بينما كانوا يقيسون الوقت الفعلي باستخدام ساعة توقيت.

كانت النتيجة لافتة، حيث قال المشاركون “توقف” عند مرور 28 ثانية فقط، مقارنةً بتقديراتهم أثناء الراحة التي تراوحت بين 31.4 و31.6 ثانية، هذا الانحراف البسيط في التقدير، يعكس كيف يبدو الوقت أطول مما هو عليه أثناء أداء التمارين الرياضية.

المنافسة لا تغيّر الإحساس بالزمن

على الرغم من أن وجود منافس افتراضي لم يؤثر على إدراك الوقت، إلا أنه أدى إلى تحسين الأداء، إذ قطع المشاركون المسافة في وقت أقل عند وجود عنصر التحدي، لكن الزمن ما زال يبدو أبطأ بالنسبة لهم.

وعلّق شتاين مينتينغ، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، قائلاً: “أظهرت النتائج أن التمارين الرياضية نفسها، وليست شدتها أو وجود منافس، هي العامل المؤثر في تشوه إدراك الوقت”.

لماذا يحدث هذا التشوه في إدراك الوقت؟

يُرجّح الباحثون أن السبب يعود إلى حالة ذهنية يطلق عليها “فرط الوعي” خلال النشاط البدني المكثف، حيث يتركز انتباه الشخص على إشارات جسده الداخلية، مثل التعب، ضيق التنفس، وألم العضلات.

هذا التركيز المفرط على التفاصيل الدقيقة يزيد من عدد الأحاسيس التي يشعر بها الفرد، فيبدو الزمن أطول مما هو عليه، بمعنى آخر، يقوم الدماغ أثناء التمارين الرياضية بتحليل كمية كبيرة من البيانات الحسية، مما يجعله يشعر وكأن وقتًا طويلًا قد مضى، رغم أنه لم يحدث ذلك فعليًا.

دافع الاقتراب مقابل دافع التجنب

قدم فيليب جابل، أستاذ علم النفس في جامعة ديلاوير، والذي لم يشارك في الدراسة، تفسيرًا إضافيًا يرتبط بالحافز أو “الدافع”، حيث وجد جابل أن إدراكنا للزمن يتسارع عندما نكون مدفوعين نحو هدف إيجابي (دافع اقتراب)، بينما يتباطأ عندما نحاول الهروب من تجربة سلبية (دافع تجنب).

وهذا ينطبق على من يشعرون بعدم الراحة أو الألم خلال التمارين الرياضية، إذ يتحفز الدماغ للتوقف، مما يجعل الوقت يبدو أبطأ، كإشارة تحذيرية للحدّ من المجهود.

ماذا تعني هذه النتائج للرياضيين والهواة؟

إذا كان إدراك الزمن يتباطأ أثناء التمارين الرياضية، فقد يؤثر ذلك على أداء الرياضيين المحترفين الذين يحتاجون للحفاظ على وتيرة دقيقة، فالشعور أن الوقت لا يمر قد يؤدي إلى الإحباط أو حتى التراجع في الأداء.

لكن هذه النتائج ليست حكرًا على الرياضيين، بل تنطبق على أي شخص يحاول تبني نمط حياة صحي، فكثير من الناس يتركون التمرين بعد بضع دقائق فقط من بدايته، لأنهم يشعرون أن الوقت بطيء ولا يحتمل، بينما في الواقع لم يمض سوى القليل.

كيف نتعامل مع هذا الشعور؟

يقترح الباحثون استخدام مؤقتات زمنية دقيقة تساعد في تحديد مدة التمرين بدقة، وتجنب الاعتماد على الإحساس الذاتي، كما يُنصح بتبني وتيرة مستدامة ومريحة في التمرين لتجنب “دافع التجنب” الذي يؤدي لتشويه إدراك الزمن.

وفي هذا السياق يؤكد فيليب جابل: “لا يجب أن تكره تمرينك… ابحث عن نوع من التمارين الرياضية التي يمكنك الاستمرار فيها دون شعور مزعج، فذلك أفضل لتحفيزك على الاستمرار على المدى الطويل”.

التمارين الرياضية تغيّر شعورنا بالزمن

تشير نتائج الدراسة إلى أن التمارين الرياضية تؤثر على كيفية إدراكنا للوقت، وهو ما قد يفسر شعورنا بالملل أو الإرهاق بعد فترات قصيرة من التمرين، وقد يساعدنا إدراك هذا التأثير على تجاوز العقبات النفسية، وتحقيق نتائج أفضل سواء كنا رياضيين محترفين أو مبتدئين يبحثون عن أسلوب حياة صحي.

ولذلك، في المرة القادمة التي تشعر فيها بأن الدقيقة على الدراجة أو جهاز المشي لا تنتهي، تذكّر أن دماغك يلعب دورًا في هذا الشعور، والأهم أن تبقى مستمرًا، فالفائدة تأتي مع المثابرة، لا مع الزمن الذي نعتقد أنه يتباطأ.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

بعد وفاة أمريكية بسببه.. ما هو مرض البريون؟

3 أمراض رئيسية وراء موت الرجال أسرع

هل يُمكن أن تُغذّي مشروبات الطاقة السرطان؟

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

جريمة إرث؟.. العثور على حفيد نوال الدجوي مقتولًا

المقالة التالية

السماء العالية.. أول حاملة طائرات مسيرة في العالم